|
الكاتب : الحدث 2021-09-20 09:10:57

كتبه ـ مبرك بن راشد الشهيب


الدار هي الوطن، وهي بيت الجميع، وعز الكبير والصغير، وهي أغلى ما يحافظ عليه لأنها ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، والدار هي الأرض، والأمان، والحب، والعائلة، والأصحاب، والذكريات، والأحداث، والحياة ؛ فحبها مشروع، والحنين إليها أمر فطري ؛ فارتباط الإنسان بداره مسألة متأصلة في النفوس، قال صلى الله عليه وسلم عن وطنه مكة: "مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ"، ولما أَخبر وَرقَةُ بنُ نَوفَلٍ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّ قَومَهُ وهُم - قُريشٌ - مُخرِجُوهُ مِن مَكَّةَ، قالَ صلى الله عليه وسلم: "أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ"، قَالَ وَرقَةُ: "نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا"، ولهذا طمأن الله تعالى وبشر نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أَيْ رَادُّكَ إلى مَكةَ"، وكان صلى الله عليه وسلم يحب مكة حباً شديداً، ولما هاجر إلى المدينة واستوطن بها أحبها وألفها كما أحب مكة، وكان صلى الله عليه وسلم يدعوا أن يرزقه الله حبها: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ"، ودعَا صلى الله عليه وسلم بالبركةِ فيها وفي رزقها كما دعا إبراهيم عليه السلام لمكة، وقال صلى الله عليه وسلم عن جبل أحد: "أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ"، والحنين للأوطان بعد مفارقتها حصل لصحابة رسول صلى الله عليه وسلم فبلال بن رباح رضي الله عنه بعد هجرته إلى المدينة حن لمكة ولسماء وهواء مكة وأن ذلك أجمل وأنقى عنده من سماء وهواء المدينة.


إن من رحمة الله بنا أن قيادة هذه الدار "المملكة العربية السعودية" قيادة مباركة، أقامت الحدود، وجمعت بين الحكمة والعزم والحزم، تسير بخطى واضحة، ورؤية ظاهرة، وإرادة طموحة لوطن يسوده النجاح والازدهار، ومستقبل ينعم بالأمن والأمان، ودارنا غالية علينا كيف وهي بلاد الحرمين، ومهبط الوحي، ومنطلق الرسالة المحمدية، ومأرز الإيمان، وحصن التوحيد، والحاضنة الأكبر للعالم، وهي محل افتخار واعتزاز لكل مواطن سعودي، قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: "هذهِ الدَّولةُ السعوديةُ دَولةٌ مُباركةٌ نَصَرَ اللهُ بها الحقَّ ونَصَرَ بها الدِّينَ، وجَمَعَ بها الكَلِمةَ وقَضَى بِهَا علَى أَسبابِ الفَسادِ، وأَمَّنَ اللهُ بِهَا البِلادَ، وحَصَلَ بها مِنَ النِّعَمِ العَظِيمةِ مَا لا يُحصِيهِ إلاَّ اللهُ، ولَيسَتْ مَعصُومةً ولَيسَتْ كَاملةً، كلٌّ فيهِ نَقصٌ، فالواجبُ التَّعاونُ معهَا على إِكمَالِ النَّقصِ وعلَى إزالةِ النَّقصِ وعلَى سَدِّ الخَلَلِ بالتَّناصُحِ والتَّواصِي بالحقِّ والمكَاتَبةِ الصَّالِحةِ والزِّيَارةِ الصَّالحةِ".

إن دارنا "المملكة العربية السعودية" لها حقٌ علينا؛ فيجب علينا الانتماء والولاء لها ولحكامها، والدفاع عنها، والافتخار به، وإظهار حبها، والتّضحية من أجلها، والاعتزاز بها، والسعي على رفع قيمتها، والارتقاء بها في شتى المجالات، والإخلاص في أداء واجباتها الوظيفية، والالتزام بقوانينها بأمانة وإتقان، والحفاظ على ممتلكاتها، واحترام عاداتها وتقاليدها وهويتها، والاهتمام بتاريخها عبر العصور، والتحدّث بلغتها، والمحافظة على روابط الأخوة والمحبة والاحترام بين أبناءها، وسد كل نافذة تهب منها رياح البغضاء والخصومة والفرقة بين أفراد المجتمع، والدعاء لها ولحكامها والمدافعين عنها بصالح الدعوات.
ختاماً نسأل الله عز وجل أن يحفظ لبلادنا حكامها وأمنها وسلامتها ووحدة صفها، وأن يدفع عنها وعن المسلمين كل سوء ومكروه، وأن يخذل أعداء الإسلام والمسلمين في كل مكان.