|

أيقونات من عراقنا العريق

الكاتب : الحدث 2021-10-09 05:26:23

تتشرف المملكة العربية السعودية باختيار العراق كضيف شرف في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي يُعقد في تاريخ الأول من اكتوبر ويمتد لمدة عشرة أيام ..
وحقيقة آمل أن يمنحني الإلهام كلمات تليق ببهاء التاريخ العراقي الأصيل فيما يخص الأدب يقف المداد حائرًا ماذا يختار من أعلام العراق ليُسطر فيه ما يستحق ، هل أستوقف الذاكرة عند أيقونة ( الجواهري ) في إحدى أبياته الرائعة حين صدح ببوحه المؤلم قائلاً:

لم يبق عندي ما يبتزه الألمُ 
حسبي من الموحشات الهم والهرمُ .

أم أعيد النقر على تلك الأيقونة الاستثنائية التي جعلت من قصيدة النثر فنًا وإرثًا حضاريًا اتخذ مساره الخاص وأعلن وجوديته بشكل مفرط إنها النجمة الساطعة 
( نازك الملائكة ) حيث تربطنا معها ذات الوشائج في حب الكلمات والغد الموعود بتوديع الصمت والحضور الوارف في المعنى حين قالت:

فيمَ نخشى الكلمات ؟
غدنا المُبهم فلنرفع ستار الصمت عنها 
إنها نافذةٌ ضوئيةٌ منها يطل 
ما كتمناه وغلفناه في أعماقنا 
من أمانينا ومن أشواقنا 
فمتى يكتشف الصمتُ المملُ
أننا عُدنا نحب الكلمات !

أم نقف مع أيقونة ( بدر السياب ) منفتحين على الأسئلة تلك التي تضرب في أعماق الوجدان الإنساني وتحفز الروح البشرية للبحث عن إجابات منطقية في تجليات الطبيعة حيث استخدم الولوج إلى احتمالات السؤال في أنشودة المطر قائلاً  :

أتعلمين أيَّ حُزنٍ يبعث المطر ؟
وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع ؟
بلا انتهاء كالدَّم المراق، كالجياع
كالحب، كالأطفال، كالموتى  هو المطر !

أم نستعيد الهمة ونجدد العزيمة مع أيقونة ( المتنبي ) وقصيدته الشهيرة في مدح سيف الدولة ونركل الركود ونعلن التغلب على تحديات الحياة مُرددين :

عَلى قَدرِ أهلِ العزم تأتي العزائم
 وَتأتي علَى قَدرِ الكرام المكارم 
وَتعظم في عين الصّغير صغارها 
وَتصغر في عَين العظيم العظائم.

أم نستوعب فطرة عدم الكمال لنترفع ونتسامى عن أخطاء البشر وهفوات النفوس الدنيئة مع أيقونة 
( صفي الدين الحلي ) عندما صدح قائلاً :

أتطلبُ من أخٍ خلقاً جليلاً
وخَلقُ النّاس من ماءٍ مهينِ

فسامح أن تكدرَ ودّ خلٍّ
فإنّ المرء من ماءٍ وطينِ.

وختامًا جميعنا يعلم أن كل أيقونة من تلك الأيقونات هي بحرٌ واسع من استعان بأصدافها فحتمًا لن يفوته الثراء المعرفي والتاريخ يشهد أن بلاد الرافدين صمدت بحضارتها وثقافتها ؛ فعندما أحرق المغول مكتبة بغداد في العصر العباسي آنذاك وقاموا بحمل الكتب الثمينة ورميها في نهر دجلة لتدمير الحضارة الإسلامية ولو لم تكن ( العراق عريقة ) لما استعادت مجدها الثقافي وإرثها العظيم وقارعت حتى عاشت الامتداد الحضاري إلى عصرنا الحالي .

بقلم : رهام مدخلي 
‏@Reham90md