|

ثقافة التطوع وأثرها على الفرد والمجتمع والأمة

الكاتب : الحدث 2021-11-19 11:19:26

التطوع وتقديم يد العون والمساعدة للآخرين،  من أجل عمل الخير وتعميمه في المجتمع من غير مقابل ، لهو من صميم تعاليم ديننا الحنيف ، فهو ينبع من رغبة داخلية من قبل الشخص المتطوّع، والتطوع في المجتمع دليل على صلاحه ، وتطوره وازدهاره.


ومن مزايا التطوع:

لا يهم أن يختار المتطوع مجالات العمل التطوعي التي تكون ضمن إختصاصه، الكثير منا له تجارب في الحياة خارج نطاق تخصصه، ويكون قادراً على الإنجار فيها، ويمكن ان نتطوع من خلالها .  

والتطوع أهميته تأتي من القيمة التي يُقدّمها للأشخاص المتطوعين، سواء على المستوى الفردي أم الجماعي، فالعمل التطوعي نوعٌ من العطاء، لهذا فإنّه يُشعر صاحبه بالرضى والسعادة والفرح، ويُعطيه ثقة كبيرة لأنّه يشعر بقيمته وهو يُقدّم يد العون للآخرين ويُساندهم، كما أنّ العمل التطوعي يُساعد الشخص على اكتساب خبرات كثيرة في حياته اليومية، والتعرّف على العديد من القصص في المجتمع، ويأخذ منها العبرة، وهو أيضًا طريقة للتعرّف على أشخاص جدد، وكسب المزيد من المعارف والأصدقاء، سواء من الذين يعملون في العمل التطوعي، أم من الأشخاص الذين يتم تقديم خدمات تطوعية لهم، وبهذا تتوسع الدائرة الاجتماعية لدى الشخص المتطوع.

و يوسّع التطوع أفق المتطوع، ويزيد خبرته، فيحمد الله على النعم التي لديه لأنّه منحه القدرة على مساعدة الآخرين سواء ماديًا أم معنويًا، كما أنّ المتطوّع يكون راضيًا عن نفسه لأنّه ساهم في إسعاد أشخاص آخرين وتسهيل أمور حياتهم، وكان قادرًا على التقدم وتحقيق الأهداف، فهو يملك في أعماقه طاقات كبيرة يستغلها باحتراف، ويُسهم أيضًا في توسيع جهات الاتصال، ومساعدة المتطوّع على الخروج والتنقل من الدائرة الضيقة التي يعيش فيها، ليذهب إلى أماكن أخرى كثيرة، وهذا يُكسبه مهارات اجتماعية كثيرة.

يُساعد التطوع في نشر البهجة والإبتسامة على وجوه الآخرين، وإشعارهم بأنّ لهم أشخاصًا يُساندونهم في الحياة، وهذا بحدّ ذاته يُساعد في نشر المحبة بين الناس، ويُحدث تغييرًا حقيقيًا في المجتمع، ويمنح الأشخاص الذين تُقدّم لهم الأعمال التطوعية أسبابًا كثيرة لِحُبّ الحياة والسعي لتحقيق أهدافهم، كما أنّ العمل التطوعي يُكسب صاحبه مهارات كثيرة وخبرات تجعله قادرًا على القيادة وحلّ المشكلات، كما تجعله قادرًا على ممارسة العمل الجماعي بكل كفاءة وثقة.

 ويُغني التطوع السيرة الذاتية للمتطوع بالعديد من الخبرات التي تُشجع أصحاب العمل على توظيفه، ومن أهم هذه المهارات: القدرة على التحدّث بطلاقة أمام الآخرين، والشخصية القوية، والقدرة على إدارة الوقت بكفاءة عالية، وامتلاك قدرات أكبر وأكثر إيجابية من الناحية النفسية والبدنية.

ويُعزّز التطوع الثقة بالنفس، ويرفع من احترام الشخص لذاته، كما يمنح المتطوّع شعورًا جميلًا فيه الكثير من الفخر والاعتزاز والانتماء، والرغبة الدائمة في مساعدة الآخرين دون مقابل، والعمل التطوعي يُقلّل من فرصة الإصابة بالاكتئاب النفسي والعزلة الاجتماعية، ويُقلل  من التوتر والقلق الذي يعيشه الشخص في مواجهة ساعات فراغه، لأنّه يُشغل صاحبه بأشياء مفيدة، فلا يكون لديه الوقت حتى يقلق أو يُفكّر بطريقة سلبية، كما يُسهم في تقديم الدعم القوي للآخرين، والتواصل مع المنظمات الدولية التي تُعطي للشخص خبرات إضافية.

يُساعد العمل التطوعي في زيادة روح الفريق الواحد، و يُحفز على التعاون بين أعضاء الفريق التطوعي في مختلف مجالات الحياة، وبهذا يكسب المتطوع رضا الله تعالى ورضا رسوله، لأنّ الله تعالى أمر بمساعدة الآخرين، وكذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-، لهذا فإنّ أثر العمل التطوعي يبقى موجودًا حتى لو مات الشخص المتطوّع، لأن فعل الخير لا يفنى، ومساعدة الآخرين هي جزء من الهدف السامي الذي يجب أن يعيش الإنسان لأجله حتى يُساند الآخرين، ويترك بصمة خير في كلّ مكان يذهب إليه.

الكثير من الدول في الوقت الحاضر أصبحت تُشجّع على ممارسة العمل التطوعي، سواء على مستوى الفرد أم الجماعة، كما أنّ الكثير من المنظمات الدولية أصبحت تٌشرف على الأعمال التطوعية وترعاها، وتُكافئ الأشخاص الذين يُمارسونها من باب تحفيزهم وزيادة الروح التفاعلية والإيجابية بينهم، ويُمكن أن يمتدّ العمل التطوعي ليكون على مستوى دوليّ وليس فقط على مستوى المجتمع أو البلد الذي يعيش فيه الشخص المتطوع، كما يُسهم العمل التطوعي في تحفيز حركة الأشخاص المتطوعين، ونبذهم للكسل واللامبالاة، ويجعلهم كتلة من النشاط والحيوية.

العمل التطوعي يعكس صورة إيجابية عن الأفراد والمجتمعات، ويُسهم في صهر الثقافات ببعضها البعض، وتقريب وجهات النظر، ويجعل الخير يعمّ على الجميع، فيُساعد الغني الفقير، فالكثير من المهارات لا يمكن اكتسابها بقراءة الكتب، ولا بالدراسة بالجامعة ولا بالعمل، بل يكون اكتسابها بمساعدة الآخرين والتطوّع لأجلهم، ومحاولة خلق بيئة مناسبة لهم حتى يكونوا أكثر إبداعًا، فهو يصقل الشخصية ويجعل الشخص المتطوع يكتشف في نفسه المزيد من المواهب المدفونة، ويُطوّرها نحو الأفضل.

ليكون التطوع ناجحا وناجزاً ؛ لا بدّ أن يكون هناك مؤسسات تدعم جميع المُتطوّعين وتوفر لهم منصة للانطلاق، وتُراقب عمل المتطوعين للتأكد من أنهم يقومون بحملاتهم التطوعية بشكلٍ صحيح وقانوني، وليس فيه أيّ تحيّزات لأشخاص أو جهات معينة.

 

بقلم ـ مشعل الهويدي