|

الملك سلمان وسياسة مد الجسور

2017-11-04 04:36:15

كل يوم يمر يؤكد أن جلالة الملك سلمان قائد عروبي يحمل حساً قومياً ووطنياً أصيلاً, من خلال الكثير من المواقف المشرفة في مد جسور التواصل والتعاون الى محيطه العربي, ومن خلال وعيه وقراءته للواقع الخليجي والعربي والإقليمي والعالمي على حد سواء وبشكل متداخل ومتزامن فرضته وماتزال الظروف والمتغيرات المحيطة, وضرورة التعاطي معها ومع ما خلفته وما تزال تخلقة من تطورات, وإمكانية التعاطي معها بروية وحكمة ورؤية موضوعية تتسق مع الواقع على الأرض, وقد أثبت جلالته قدرة كبيرة في التعامل مع الأحداث بل وأصبحت المملكة من خلال رؤيته وحكمته رقما صعبا وعنصرا فاعلا في المعادلة في الكثير من الملفات الساخنة من حولنا وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب بكل أشكاله تمويلا وتنظيما ورعاية ومنظمات .
جلالته ليس ببعيد عن هذا الدور التاريخي, فهو رجل دولة من الطراز الاول إكتسب خبرته من خلال تواجده الفاعل وعبر عقود في مركز القرار السعودي والعربي والدولي, وتراكمت لديه خبرات كثيرة سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا, بلورت لديه رؤية موضوعية كبيرة ومتنوعة, يسعى جاهدا وبإخلاص تنفيذها على أرض الواقع لما فيه خير بلده وأمته .
أن سياسة مد الجسور التي يتبناها جلالته مع الشعب العراقي وقياداته,هدفها وبالدرجة الأولى هو مساعدة الشعب العراقي والتخفيف من معاناته والتي تعود لعقود طويلة مضت, من خلال المشاريع الإقتصادية التي تتبناها مجالات التعاون, ولكي تكون مدخلا لإعادة العلاقات الى مسارها الطبيعي, المملكة لم تبتعد يوما عن الجوار العراقي والذي يمثل إمتداها وعمقها الطبيعي, رغم القطيعة التي فرضتها سياسات الأنظمة في العقود الماضية ومنذ بداية التسعينات, واليوم تعيد المملكة وصل ما إنقطع وتمد جسورا عدة تهدف لإرجاع العراق وشعبة الى حضنه العربي الحقيقي والأصيل .
لطالما طالب العديد من الوطنيين والشرفاء والمخلصين ومن مختلف أطياف الشعب العراقي بعودة العلاقات الى طبيعتها مع المملكة وعدم ترك العراق ومقدراته وشعبه للهيمنة والتمدد والذي يمثل سياسة حكام طهران, وان لايُترك وحيدا أمام جبروته وقوة بطشه والتي تركت آثارا مأساوية تعاني منها كل مكونات الشعب العراقي دونما إسثناء, المملكة جادة وواعية للدور المطلوب, والذي يقطع الطريق على دعاوى الكراهية والتي تخدم أهواء ومصالح إقليمية متمددة .
يتلاقى هذا التوجه مع رغبة الادارة الامريكية ووزير خارجيتها ومن خلال تاييدها وحضورها للقاء التنسيقي الثاني والذي جرى مؤخرا في الرياض والذي حضره رئيس الوزراء العراقي والعاهل السعودي وبحضر وزير الخارجية الامريكي والذي يهدف الى ترسيخ الاستقرار السياسي في المنطقة, وقيام دولة مدنية يتساوى فيها المواطنون على أساس المواطنة وليس على أساس الدين والمذهب والقومية, من خلال إرادة حقيقية مشتركة, لوقف تمدد المشروع الايراني والذي أحرق الأخضر واليابس على طول إندفاع ذلك التمدد خلال السنوات الماضية .
الرغبة الأمريكية الجديدة في حصار الإرهاب بكل أشكاله ومحاربته لأجل تحجيمه والتي كانت بدايتها القضاء على تنظيم داعش والحركات الارهابية الموالية له, تتعدى الى مفهوم أكثر شمولية لينسحب على قوى أكثر تطرفأ وهمجية بما فيها الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني وفروعه في العراق واليمن وسوريا, إن السياسة الجديدة في التعاطي مع الارهاب تمثل البعد والمفهوم الحقيقي لأجل مكافحته دونما تمييز, فالارهاب واحد مهما تعددت أشكاله ومسمياته .
استعادة العراق لدوره العربي تحكمها وجود رغبة عراقية حقيقية في التواصل والتعاطي بإيجابية وتفاعل مع المشروع السعودي ودعوات خادم الحرمين الشريفين المخلصة والمتصلة, ومدى ما ستلاقيه من صدى لدى صانع القرار السياسي في العراق, وهو أمر تواجهه الكثير من العقبات في ظل هيمنة وإرتهان لهذا القرار لصالح قوى إقليمية تشكل تيارا قويا ضد هذا التقارب وضد أي محاولة لإسترجاع عروبته, وهي ستكون المقاومة الحقيققية التي يواجهها منذ 2003, على العراق شعبا وقيادة أن يقرر بنفسه دون غيره رغبته الجادة لهذه الدعوات المخلصة للعودة به إلى محيطه العربي, وهو تحد كبير وصعب, سوف يرسم ملامح طريق العودة .
مؤيد رشيد / كاتب عراقي