|

عندما يُصبح الصبر الملاذ الوحيد

الكاتب : الحدث 2023-06-01 09:38:19

 أحمد بني قيس
@ahmedbanigais

ولدت ونشأت وترعرعت في كنف رجل شهد له كل من عاشره ورافقه وصاحبه بأنه كان رجل استثنائي بكل ما تعنيه الكلمة وظهر ذلك جلياً في سلوكهم معه وحديثهم عنه وحكمهم عليه في حياته وبعد أن إختار الله له القرب منه، قربٌ تشهد أحداثه بأنه تم والكل راضٍ عنه وعليه حيث لم يصلني أي قولٌ عنه أو حكمٌ عليه يُخالف ذلك الأمر الذي خفف من غلواء مُصابي وزادني أمناً وطمأنينة ومنحني الكثير من الصبر والجلد، صبرٌ وجلد كانت معيّة هذا الرجل والعيش في ظلّه هي سببهما والمصدر ونهرهما الذي لا ينضب.
 
ماذا عساي أن أقول عن أبا أحمد؟ .. والله إن اللسان ليعجز عن البوح والتعبير وإن الأنامل لتحتار في اختيار عبارات الثناء والتقدير عند محاولة سرد مكارم ومناقب هذا الرجل ليس فقط لأنني (كأحد أبنائه) كنت من أكثر المتأثرين بها والشاهدين عليها وإنما لأن القريب والبعيد يؤكد جميل وقعها وواقعها وحُسن حالها ومآلها.
 
ولكني سأحصر الحديث عنها في طبيعة علاقتي بوالدي غفر الله له وكيف أثّر عليٌ شخصياً وجوده في حياتي علّها تشفع لي القصور الذي أشرت إليه أعلاه فقد كان لي خير المعين والسند وخير الناصح والمرشد وخير الوالد والصديق وتشهد بذلك الكثير من الأحداث في حياتي معه والتي من أبرزها حادثة كان لها وقعٌ جلل علينا جميعاً ولكن بفضل الله أولاً ثم بفضل الفقيد الغالي أستطعت تجاوزها والتغلب عليها.
 
تمثلت هذه الحادثة في تعثر دراسي حصل لي ولا أخجل من ذكر ذلك، تعثر كان له أثر نفسي سلبي كبير عليّ في حينه حيث وصل الحال بي وقتها إلى حد الطلب من والدي إجراء أمور معينة لأؤكد له صلاح سلوكي ومسلكي فما كان منه رحمه الله إلا أن قال "أنت ولدي وأنا أعلم الناس بك فلا عليك ممّا يُقال وأصبر وأحتسب".

فكان في وقوف والدي بجانبي في تلك الأزمة وشدّه من أزري كل عون ودعم وهو ما مكنني بعد توفيق الله من التغلب على ذلك التعثر والإقالة منه وتفنيد أغلب تداعياته.
 
وأختم أخيراً بدعاء أبتهل إلى الرحمن الرحيم أن يتقبله وأن يجعله أنيساً لوالدي في وحشته.
 
"اللهم ربي أجعل قبر والدي روضةً من رياض الجنة، ولا تجعله حفرةً من حفر النار، اللهم أفسح له في قبره مد بصره، وافرش قبره من فراش الجنة، اللهم أعذه من عذاب القبر، وجفاف الأرض عن جنبيها وأجعل مدفنه برداً وسلاماً عليه".