|

غربة العمالة ومكاتب الاستقدام

2017-05-13 11:15:55

في إحدى رحلاتي و المغادرة من مدينة الرياض إلى مدينتي الغالية جيزان، وبينما أنا جالسة في مقعدي من الجهة اليمنى من الطائرة على اول مقعد على حافة الممر ، كان هناك رجل على يساري من الجهة الأخرى يجلس على أول مقعد من جهة الممر وعلى مايبدو لي من هيئته بنغلاديشي الجنسية وأنه مستقدم جديد كسائق أو عامل، كان غريب الشكل رث الثياب وكثير الحركه مما يلفت انتباهي من حين لأخر، شدتني إليه العاطفة من مظهره وكثرة حركاته الغريبة فقد كان يضرب على ساعديه حين وحين يشدهما على صدره مما أوحى إلي بأنه قد يكون مريضا أو مصابا بالبرد وترددت كثيراً بأن أطلب من إحدى المضيفات لتجلب له غطاءا يتدفئ به من برودة الطائرة.

وقد شدني الفضول للتركيز معه وفي تصرفاته وحركاته الغريبة ربما قد أعرف مايريده ومساعدتة قدر الإمكان، وفي لحظة رأيته يتكلم مع نفسه وتعتري ملامح وجهه خليط من التعابير المتضاربة مابين رفض وقبول وتعجب وحيرة وعدم قدرته على التأقلم أو الكلام بما يريده أو حتى رفض مالا يريده. وبدأت التساؤلات تدور في رأسي هل هذا شي طبيعي لوضعه الجديد عليه أما أنه يعاني من حالة مرضية ما قد تكون نفسية أو عقلية فعلم النفس بحر ليس له قرار، فقد يكون هناك أشخاص بيننا وحولنا يعانون من حالات نفسية وعصبية وإنفصامية ونحن لا نعلم ذلك ولا نعرف حقيقة ماهم مصابون به من إختلاجات وإضطرابات نفسية وإنفصامية وأحياناً كثيرة هم أنفسهم لا يدركون مايعانونه من تلك الأمراض والحالات .
حينها ولج في خاطري بعض من القصص الإجرامية والإنتحارية التي تحدث من المستقدمين والمستقدمات للعمل في بلادنا العربية، وأرجح ذلك بسبب بعض الشركات والمؤسسات المستقدمة لتلك للعمالة لا يهمها في أي حاله صحية نفسية وعقليه قد تكون عليها تلك العمالة من الإضطرابات النفسية والسلوكية والعقلية وهمها الوحيد الكسب المادي على حساب مجتمعنا وأماننا وسلامتنا وسلامة أبنائنا، وأنه يجب على تلك الجهات المستقدمة للعمالة القيام بالفحص الطبي النفسي والعقلي والسلوكي قبل أنت تجلب بها لبلادنا وتجعل منها قنبلة موقوتة يذهب ضحاياها الأُسر وأبنائها أو حتى العمالة نفسها بإيذاء نفسها وقد تصل للإنتحار، مما سبق وأن حدثت قصص كثيرة لحوادث جنائية مروعة من جانب بعض هذه الفئات من العمالة بمختلف الجنسيات، وأننا ندعو الله بأن لا تتكرر تلك الأحداث المروعة والتي تذهب ضحاياها بعض الأُسر وأبنائها الأبرياء.
لماذا لايكون هناك من ضمن آليات وشروط لدخول تلك العمالة لبلادنا مثل التحاليل والفحوصات الروتينية لإستكمال أوراق الموافقة للإستقدام، الفحص والكشف والطبي على الحالة النفسية والعصبية والعقلية والسلوكية لتلك العمالة، كما يجب على الجهات المعنية كمكتب العمل والعمال التشديد ووضع آليات لهذا الفحص من ضمن شروط القبول لدخول العمالة لبلادنا العربية ومن يكتشف بعد ذلك بأن تلك الفحوصات ماهي إلا مجرد كلام على ورق وبأي شكل من الأشكال تمت تطاله المحاسبة القانونية، كذلك لاننسى وجوب حسن معاملتهم بما يرضي الله ومن يخالف ذلك يحاسب أيضاً على تقصيره وعدم إنسانيتة من غياب الأخلاق والرحمة التي أوصانا بها ديننا الحنيف في حسن التعامل ، حتى لا نجعل منهم أعداء لنا ولأبنائنا بسبب أهانة الكرامة الإنسانية والتراكمات والحقد من سوى المعاملة والإضطهاد النفسي .

لا تجعلوا السعي للمكاسب المادية تُنسيكم الرحمة والإنسانية والمجتمع وأبنائنا الأبرياء فهم أمانة في أعناقكم .

ومن حقِهم أيضًا أن تُحفظ حقوقهم المالية من الغبن، والظلم، والاستغلال؛ لذلك قال رسول الله في الحديث القدسي عن ربِّ العزَّة I: “قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ… وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ”[5]. لِيَعْلَمَ كلُّ مَنْ ظلم عاملاً أو خادمًا، أن الله رقيب عليه وخصم له يوم القيامة.

هدى الحكمي