|

"الشهيد النقيب محمد مغاوري"

الكاتب : الحدث 2023-10-03 09:08:02


بقلم د. إسراء محمد عبد الوهاب

أثناء عملي كانت لدي حالة أباشر متابعتها في العيادة والتي أهوى دائمًا علاج ما يُشبهها من الحالات التي لديها مثل هذه المشكلات المرضية ..
حيث كان ضابط من وحدة الأمن المركزي 
وحقيقة سمعت الكثير والكثير عن قصص التأثر بالمواقف والوفاء بين الأصدقاء بينما لأول مرة أرى دموع حبيسة داخل أعين أحدهم على فراق صديق عمره ورفيق رحلته 
سرد القليل عن بطولات صديقه ، ولكن لم يستطع تكملة ما تبقى ..
"استشهد بين يدي" قالها بعين تلمع من شدة الحزن على مفارقته .. محاولًا إخفاء دموعه و أشاح بوجهه عني ..
ولدَ بعزبة أبو هشيمة بيوم السادس والعشرين ولم يعلم بأنه بعد يوم ميلاده بخمسة أيام في عام الألفين والسادس عشر سينتقل إلى الرفيق الأعلى
أُصيب بطلنا في مأمورية ما 
طُلبَ منه الانتقال بينما أصرَّ للعودة إلى "أرض سيناء" ..
"يا ترى هل سأظل على قيد الحياة حتى اليوم الذي سيتخرج فيه" قالتها والدته ولم تُدرك بأنها سوف تسبقه بالمنية بثلاث سنوات وأشهر قليلة قبل تخرجه..
علم هذا الضابط بأني سأقيم مشروع لإصدار كتاب يختص بتسطير قصص البطولات لجنودنا البواسل إن شاء المولى ..

فبات اهتمامه شديدًا لذكر قصة هذا البطل حتى أنه عرض علي التواصل مع أهله لضمان سهولة الحصول على كافة المعلومات ، ولكن كل ذلك سوف يؤجَّل إلى حين صدور الموافقة لكتابي القادم ، هذا وقد أراني العديد من صور التضحيات التي تحوي الكثير والكثير من المعاني الرائعة للفداء بالنفس في سبيل الوطن .. 

تغاضى عن ذاته وتحدث عن رفيقه، و ذكر لي شيئًا عنه وإن بدا بسيطًا ولكنه كان مؤثرٌ جدًا وهو أنه حينما كان يعمل برفح فإنه يقوم بوداع أمه وأبيه ، فهو لا يعلم إن كان سيعود لهم مرة أخرى أم لا ؟ ومما زاد الأمر صعوبة هو أن وسائل التواصل كانت منقطعة بل مفقودة آنذاك ، لم يطل الحديث معي طويلًا بما يكفي ، وطبيعة عملي كذلك لا تسمح لي بالتحدث معه أكثر من اللازم.. 
لكن ما رأيته داخل عينيه من حزن و ألم على مفارقة خليله يكفي لكتابة نص أو مقال بصورة مؤقتة كنوع من التقدير والتبجيل لحين ذكر هؤلاء العظماء جميعًا بمشروع كتابي القادم بإذن الله تعالى وإفراد صفحات وصفحات لاستعراض قصص بطولاتهم .. 

الشهيد البطل النقيب محمد مغاوري بطلٌ من نوع خاص؛ فالشهيد وزملائه وجنوده حاربوا ببقعة جميلة ، وقدموا أرواحهم فداءً لها ، فأرض سيناء يحميها بعد الله هؤلاء الأبطال، ويسجلون بدمائهم الطاهرة على أرضها بطولات عظيمة، ففي هذه البقعة الأمر مختلف، مرعب، حرب لا أحد يعلم عنها ..

الشهيد وبطولاته لا يكفيها فقط تغيير اسم منشأه من أبي هشيمة إلى عزبة النقيب محمد مغاوري، تلك البطولات يجب أن تُحكى للأجيال القادمة، تُخلدَ بالتاريخ ؛ تقديرًا وعرفانًا بما قدموه هؤلاء الأفذاذ من تضحية من أجل أمن واستقرار أوطانهم .. فهل سوف سيذكر التاريخ هؤلاء الأبطال؟ وهل الأقلام ستكون صادقة في سرد بطولاتهم وتسطير تضحياتهم في سبيل الوطن ؟ أم ستتغلب الأهواء على كُتَّاب وناقلي التاريخ؟