قانون الجَمَال ..

بقلم 🖋️نهاد فاروق قدسي
تسير حياتنا ضمن أنظمة وقوانين وضعها الله سبحانه وتعالى ، ومن المؤكد أنها لاتسير هكذا عبثًا بلا ضوابط تحكمها أو ثوابت تنظمها ، وأساس هذه القوانين هو دين الإسلام بل عمودها الذي ترتكز عليه ، والبشرية كافة لاتعيش حياتها إلا بموجب تلك القوانين الإلهية وتتبعها وتلتزم بها ؛ لتدبير شؤونها وتنظيم حياتها : كالقوانين الكونية وقوانين الطبيعة ، وإن العقل الإنساني لايحظى بفهمٍ واستيعابٍ لما يراه من الآيات الكونية العظيمة ، وأعاجيب الخَلْق الجسيمة ، والتنظيمات السماويَّة الدقيقة إلا من خلال تلك القوانين وذلك بما تمنحه له من إجابات شافية لكل مايثير تساؤلاته ويستثير فضوله حتى تصل به إلى مرحلة الإدراك التام والتسليم الكامل .
كما أن هناك في المقابل ثمَّة قوانين أخرى تستهدف تحسين جودة الحياة وصنع شخصيات قوية أكثر صلابة أمام تحديات حياتنا ومصاعبها ، وتسهم في اتزان يومياتنا لنصبح أكثر سعادةً وشغفًا : كقانون السعادة ، قانون الحب ، قانون العلاقات ، قانون الجَمَال ، قانون الاستغناء ، قانون التحدي ، وغيرها من القوانين التي تصنع التغيير الإيجابي والتطوير الذاتي للحصول على "أفضل سنوات حياة" كما يقول المختصون والمعنيون ببرنامج جودة الحياة .
ومن بين تلك القوانين التي استوقفتني لتسليط الضوء عليها ألا وهو "قانون الجَمَال" ، فالجَمَال فلسفة طبيعية ، ومنحة ربَّانيِّة فطرية تنبع من دواخلنا وتتجسد في كل مايحيط بنا من طبيعة خلاَّبة باهية ، وألوان متناسقة زاهية تجلَّت من خلال الجَمَال الإلهي الذي صوره خالقنا وأبدع تصويره في جَمَال لايضاهيه جَمَال ، و " إنَّ الله جَميلٌ يحب الجَمَال " ، وأضفى على كل مخلوقاته ودلالات عظمته جَمَالاً ورونقًا وبهاءً ..
فلنكتشف الجَمَال في ذواتنا أولاً " كنْ جَميلاً ترى الوجود جَميلاً ".. نَسْتقْرِأ الجَمَال فيما حولنا بعين الحب والتفاؤل مهما بدتْ لنا الحياة قاسية .. نسعى لجذب طاقة الجَمَال وطاقة الاتساع .. نعبِّر عن حِسّنا الجَمَاليّ ونصوِّر تجلِّياته بكل رقةٍ وأناة " الصمت في حرم الجَمَال جَمَال ".. نخلو بأنفسنا .. نركن إلى مكانٍ هادئ .. نتنفس بعمق .. نقرأ بشغف .. نستخلص معادلات السعادة .. نقتل الروتين قبل أن يقتلنا .. نقترب ممَّنْ يمنحنا النور بل نلتصق به .. نصنع عالمًا خاصًا ونهندس تفاصيله .. نشعر بِجَمَالنا ونقدِّره .. نطلق العنان لخيالنا ونسعده .. نتأمل زرقة البحر واتساع السماء .. حفيف الأشجار وتَعَانُق الأطيار .. نبرُّ بآبائنا وأمهاتنا .. نُسعِدُ إخواننا وأخواتنا .. نلهو مع أصدقائنا.. نتغزلُ بأزواجنا .. ونلاطفُ أطفالنا .. نمارس كل مايسعدنا .. ونعيش الحياة بِـ أَجْمَلْ تفاصيلها ..