|

حكايات عائلية بين أب و ابنه

الكاتب : الحدث 2024-03-17 04:56:48

 

بقلم : حسن النجعي

في أحد الأيام، خلال حوار مع ابني، طرح عليّ سؤالًا غير متوقع وأثار فضولي خيث قال لي: "يا أبي : متى ننتقل من مدينة الرياض ونعود إلى المنطقة الشرقية حيت نشأنا وترعرنا ونعود للسكنى بها ؟". كانت كلماته مفاجئة لكنني أدركت أنه يفكر بجدية ويرغب في التغيير..
بدأت بالرد عليه قائلاً: "لماذا ترغب في الانتقال من مدينة الرياض إلى المنطقة الشرقية ؟"
أجاب بثقة ووضوح: "المنطقة الشرقية هي المنطقة التي خلقنا بها وقضينا طفولتنا بها، وأعتقد أنها أجمل بكثير من الرياض". 
استمعت إلى كلماته باندهاش وفهمت أنه يرتبط بشدة بمكان نشأته وأن لديه ذكريات جميلة بها . 
أجبته قائلاً: " أعلم تمامًا مشاعرك يا بني، فأنا أيضًا أحمل ذكريات جميلة عن الشرقية وأشعر بالانتماء لها ولكن يجب أن نفهم أن الانتقال من مدينة لأخرى ليس قرارًا سهلاً، فهناك أشياء أخرى يجب أن نأخذها في الاعتبار".
أكمل ابني حديثه بكلمات تركت أثرًا عميقًا في نفسي حيث قال: "أدرك ذلك يا أبي، ولكن المشكلة هي أننا لا نملك جماعة نتواصل معها هنا ، والجميع يفر من التواصل والتقارب بينما في المنطقة الشرقية يوجد تواصل وتقارب مع أخوالي وأقربائي". كلماته أثرت فيّ وأدركت أنه يشعر بالوحدة والانعزال في المكان الحالي. 
شعرت بالصدمة ولكن في الوقت نفسه، أدركت أهمية الروابط الاجتماعية والتواصل مع الأقارب والأحباء في حياة الأفراد، فالاحتكاك الاجتماعي والتواصل يمنحان الدعم والانتماء ويسهمان في السعادة النفسية. 
قررت أنه حان الوقت لمناقشة هذا الأمر بشكل أعمق، وشرحت لابني بأن الرياض تعتبر مركزًا حضاريًا كبيرًا في المملكة العربية السعودية، حيث توفر فرص عمل وتعليم ومرافق حديثة. تحدثت أيضًا عن توفر الفعاليات الثقافية والفنية والترفيهية في الرياض، مما يمنحنا فرصًا للاستمتاع والتنمية الشخصية ، وأشرت أيضًا إلى أن الرياض تعد مركزًا للتقدم والتطور في العديد من المجالات، وبالتالي فإن الفرص الوظيفية والتعليمية قد تكون أكبر هناك، لكنني ألمحت أيضًا إلى أن الشرقية لديها جمالها الخاص وأننا يمكننا زيارتها بانتظام للاستمتاع برؤية الأقارب والاحتفاظ بالروابط العائلية القوية، هذا وأوضحت له أن الاتصال الدائم والتواصل مع الأهل والأقارب ليس بالأمر الصعب في عصر التكنولوجيا الحديثة، حيث يمكننا استخدام وسائل الاتصال مثل الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي للبقاء على اتصال وتقديم الدعم المتبادل.
في النهاية، أدركت أن هذا الحوار مع ابني كان فرصة لفهم مدى أهمية الانتماء والتواصل الاجتماعي له وللأفراد في المجتمع ، كما تعلمت أنه يجب أن نوفر لأطفالنا بيئة تعزز الانتماء والروابط العائلية والاجتماعية، وفي الوقت نفسه نشجعهم على استكشاف الفرص والتحديات في أماكن جديدة .
وأخيرًا ، يجب علينا جميعًا أن نتذكر أن الاختيار بين البقاء في مكان أو الانتقال إلى مكان آخر قرار شخصي يعتمد على الاحتياجات والأولويات الشخصية لكل فرد وعائلته ، ويجب أن نستمع إلى آراء أبنائنا ونعبر لهم عن آراءنا بصدق واحترام، ونساعدهم في اتخاذ القرارات التي تناسبهم وتجعلهم سعداء ومنتمين.