|

الأفلاج حضارة شاخصة

الكاتب : الحدث 2021-07-06 08:42:51

بقلم عالم الأثار العراقي / زياد الدليمي

محافظة الأفلاج إحدى المحافظات الواقعة في المملكة العربية السعودية، في قلب الجزيرة العربية تحديدا، التابعة للعاصمة الرياض، وتبعد عنها ٣٠٠ كم ،، مدينة الحصون والعيون التي تحكي التاريخ بأدق تفاصيله في كل أثر شاخص بها أو مطمور ،، الافلاج ومفردها الفلج وهي كلمة عربية ، ويقصد بها الجدول الصغير أو النبع، وهو أحد أنظمة الري القديمة التي ابتدعها الإنسان منذ عصور بعيدة، وهو معروف على نطاق واسع في الجزيرة العربية والخليج العربي والعراق وبلاد الشام وأماكن أخرى من العالم، ولم يختلف شكلها قديماً عما هو عليه الآن، لكن اختلفت أعماقها وحجم ثقابها، وكان يستخدم في إنشائها المعول والإزميل وغيرهما من الأدوات البسيطة ،، قامت معظم حضارات العالم القديم ونهضت على ضفاف الأنهار، مثل نهر النيل ونهري دجلة والفرات، أما في الجزيرة العربية ، فقد عمد سكان هذه المنطقة إلى استغلال الموارد المائية حسب الرقعة الجغرافية التي يقيمون عليها، وتعددت أساليب استغلال المياه ولم تقتصر على السطحية منها، الناتجة عن هطول الأمطار وما يترتب عليها من عيون وجداول موسمية، بل امتدت إلى المياه المخزونة في جوف الأرض، وهذا ما يميز الحضارات التي نشأت في المناطق الجافة عموماً، وفي مقدمتها منطقة الجزيرة العربية، حيث نشأ فيها أقدم الأفلاج ،، وتسمى احيانا بفلج الأفلاج؛ لوجود الكثير من عيون الماء فيها، وكانت من أبرز الحواضر الواقعة في منتصف الجزيرة؛ حيث كانت تضم سوقا تجاريا هاما وابنية وقلاع وحصون ،، ويذكر أن محافظة الأفلاج تتميز بمجموعة من القصور الطينية القديمة الضخمة التي يبلغ عرض جدرانها أكثر من ثلاثة أمتار، استُخدم في بنائها لبن طيني على هيئة محروقة، ومغطى بالجص بشكل مغاير للمألوف في البناءات الطينية التقليدية، وتشتمل المحافظة أيضاً على عدد من المنشآت المعمارية المدرّجة التي تغطيها كثبان الرمال. كما تتميز الأفلاج بوجود نظام الريّ بالقنوات المدفونة (الخرز) الذي يُعد نموذجا فريدا لشبكة إدارة المياه والزراعة والري في الجزيرة العربية، ونفذت بنظام هندسي مميز يتمثل في وجود عين طبيعية رئيسية، وعلى امتداد الموقع قنوات صغيرة كانت للتهوية والإضاءة وللتحكم في مجرى المياه وجميع هذه القنوات متصلة ببعضها البعض، وبمسافة تكاد تكون متساوية ولا تزال بحالتها الاصلية ،،  وقد شهد موقع (قصيرات) في محافظة الافلاج أعمال للمسح الاثري في وقت سابق وتناولت النتائج التسلسل التاريخي والحضاري لتلك المناطق منذ عصور ما قبل التاريخ، مروراً بالعصور الإسلامية من خلال الدلائل والبقايا الأثرية التي تشمل الأدوات والآثار المعمارية والنقوش والفخار،
محافظة الأفلاج تحوي الكثير من القرى الأثرية والقصور القديمة حتى أنه لا يكاد يخلو واد أو سهل من قصر مشيد أو حصن منيع ولا زالت بقية هذه القصور منتشرة في الأودية وعلى رؤوس الجبال ومن أهم الأماكن التي تزار في محافظة الأفلاج : عيون الأفلاج وقرية الغيل وجبل التوباد وقرية صداء وجبل أكمه وحصن مرغم وقصر العادي ويتصل بحصن مرغم عن طريق خندق في جوف الأرض وكذلك قصر جعده و قصر سلمى وغير ذلك من المواقع التاريخية والتراثية التي تروي لنا كيف ازدهرت هذه المنطقة واصبحت جوهرة حضارية تستحق الاهتمام والدراسة .