كُلاً في هَمّه سارح ومهموم‼️

د/ سلمان الغريبي
-----------------------
لا غني راضي ومتهني بما أعطاه الله ..
ولا فقير مبسوط و مرتاح البال ..
فكلاهما في هَمّه سارح ومهموم مشغول البال ..!!
ففي خِضم النمط الجديد لهذه الحياة و تغيراتها المتسارعة و الدخيلة أكثرها على مجتمعنا ، نجد أن الجميع يسعى وراء تحقيق أهدافه وطموحاته بعيدا كل البعد عن الرضا والقناعة بما كتبه الله له ، او يغفل الكثيرون منهم عن أهمية الرضا والقناعة و بالقدر خيره وشره ، فالغني تجده حتى في صلاته سارح ومهموم إما لمشاكل عائلية او صحية او كيف يسعى جاهداً وراء أن يجمع المزيد من المال من أجل الثراء او الخوف من الخسائر والعودة للوراء ، والفقير بالمثل سارح بهمومه في الخوف من أن لايجد قوت يومه هو وأفراد عائلته ويسعى جاهداً دون كللٍ او ملل وراء لقمة العيش أينما تكون حتى ولو تغرب من أجلها سنين وسنين طالباً الاستقرار النفسي والمادي حاله كحال من حوله وهو لايعلم انه كلاً بهمه مهموم وأن أكثر من حوله يمشي ويضحك والقلب مهموم ، وكلاهما أي الغني والفقير يسعى جاهداً لتحقيق أهدافه المرجوة وراحته النفسية والطمأنينة التي يسعى لها ، والتفكير كيف يصل لها اذا استمر على ماهو عليه ؟! ونسي او تناسى بأن الراحة النفسية والطمأنينة لا تأتي من فراغ او بالمال أو الجاه أو السلطة و السلطان ، بل تأتي من الرضا والقناعة بما قسمه الله لنا ، و من يجدها هو فعلاً من رضي بما قسمه الله له ، وقنع بما لديه ، واستسلم لأمر الله له خيره وشره في صحته ومرضه ومكسبه وخسارته ، وأيقن كُل اليقين أن لا المال أو الجاه أو السلطة او الصحة هي التي تجلب السعادة ، بل السعادة تأتي من داخل النفس المؤمنة الصافية النقية القانعة بما كتبه الله لها ورضيت به ، فالنرضى بالمكتوب _ و نخلي الهم نِسيان - كما كانت أمي رحمَتُ الله عليها ترددها علينا دائماً ، ونتوكل على الله الواحد الأحد على الدوام في كل أمر من أمور الدنيا يعترض حياتنا مهما كان ونعلم كل العلم أن لن يصيبنا إلا ما كتبه الله علينا ، وفي الأحاديث الصحيحة أن الله عز و جل سبحانه وتعالى إذا خلق الجنين في بطن أمه كتب رزقه وأجله وعمله ، وكتب شقاوته وسعادته ، كما ورد هذا في حديث عبادة بن الصامت أنه قال لابنه : يا بُني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، و سمعت رسول الله ﷺ يقول : من مات على غير هذا فليس مني !
وفي الختام : أزال الله عنا وعنكم الهموم والأحزان ، وأنار لنا ولكم دروب الخير والرشاد والسعادة والهناء ، وأجارنا وإياكم من الشرور و الأشرار ومن كل سوء ومكروه ، ومتعنا جميعاً بالصحةِ والعافيةِ والسلامةِ وراحة البال .