|

كيف تُبنى التحالفات على القيمة لا الشكل؟

الكاتب : الحدث 2025-12-16 10:25:04

بقلم د. بجاد البديري
مستشار الشراكات والاتصال المؤسسي

تتغير بيئة الأعمال والتحول المؤسسي بسرعة غير مسبوقة، وكلما ازدادت تعقيداً ارتفع الطلب على تحالفات أكثر ذكاءً وعمقاً، غير أن عدداً كبيراً من الشراكات ما يزال يُبنى على الشكل الخارجي: أسماء كبيرة، صور إعلامية، أو توقيع بروتوكولات لا تُترجم إلى نتائج، وهنا تظهر أهمية التحالفات التي تُبنى على القيمة، حيث تنتقل المؤسسات من فكرة التعاون كمظهر، إلى التعاون كاستثمار طويل المدى يولِّد مردوداً واضحاً على مستوى المعرفة والأداء والتأثير. التحالفات القائمة على القيمة تنطلق من سؤال جوهري: ماذا سيضيف كل طرف للآخر؟ وحين تُصاغ الشراكة بهذا المنطق، تتشكل علاقة استراتيجية تحكمها ثلاثة عناصر رئيسية: وضوح الهدف، توزيع الأدوار، ومسار قياس الأثر، وهذا النوع من التحالفات يخلق ثقة عالية بين الأطراف، ويُعيد تعريف المسؤوليات بطريقة تمنح الجميع فرصة للتطور والنمو.

في هذا النموذج، تتقدم الجودة على الكثرة، ويأخذ العمق مكان الاتساع، فالشريك المناسب ليس الأكثر شهرة، وإنما الأكثر قدرة على تقديم قيمة حقيقية تتوافق مع مسار المؤسسة ورؤيتها المستقبلية، ولذلك تتجه المؤسسات الطموحة نحو انتقاء شركاء يمتلكون خبرات متقدمة، ومرونة في العمل، واستعداداً للصعود المشترك في مشاريع ذات أثر ملموس. وترتفع أهمية هذا النهج في القطاعات الحيوية مثل التعليم، الصحة، النقل، والتقنية، حيث تقود التحالفات ذات القيمة إلى حلول مبتكرة، ورفع كفاءة الموارد، وتسريع وتيرة التحول، وتعزِّز قدرة المؤسسات على مواجهة الأزمات، وتحسين جاهزيتها، وبناء شبكة إسناد متينة تُسهم في تقليل المخاطر.

ومع امتداد رؤية المملكة 2030 نحو اقتصاد متنوع قائم على المعرفة، تتأكد الحاجة إلى تحالفات تُبنى على قيمة حقيقية، تُعزِّز تنافسية القطاعات، وتدعم أهداف التنمية الوطنية، وترفع مستوى الاحتراف المؤسسي، لأن التحالف الفعَّال يبدأ من دراسة دقيقة، ويقوم على التزام مشترك، ويستند إلى أهداف قابلة للقياس، وينتهي بأثر واضح يُشعَر به المجتمع والاقتصاد، وهكذا تتحول الشراكات من خطوة شكلية إلى رافد تنموي ينتج إنجازات تقود المستقبل.