|

سوق السندات الأمريكية: ترويض التضخم دون تعطيل الاقتصاد ليس مستحيلا

الكاتب : الحدث 2022-02-08 11:35:42

 


تشير سوق السندات الحكومية الأمريكية إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيكون قادرا على ترويض التضخم في الأعوام المقبلة دون إيقاف النمو في أكبر اقتصاد في العالم.
قفزت عائدات سندات الخزانة الأسبوع الماضي بعد تقرير الوظائف الأمريكي الذي جاء أقوى كثيرا مما كان متوقعا، حيث يراهن المستثمرون على أن القوة في سوق العمل ستعطي الاحتياطي الفيدرالي مزيدا من الدوافع لتشديد السياسة النقدية في وقت يسعى فيه إلى كبح جماح أكبر نمو في أسعار المستهلك منذ نحو 40 عاما.
على الرغم من الأرقام المتفائلة في سوق العمل، التي أشارت إلى ارتفاع ضغط الأجور، إلا أن التوقعات الخاصة بالتضخم في المستقبل بالكاد تتزحزح. يشير مقياس سوق الخزانة المعروف باسم معدلات التعادل إلى أن التضخم سينحسر إلى أقل من 3 في المائة في غضون خمسة أعوام. ومن شأن ذلك أن يمثل انخفاضا كبيرا عن معدل 7 في المائة المسجل في كانون الأول (ديسمبر). تشير معدلات التعادل على المدى الطويل إلى أن الأسواق تتوقع أن ينجح الاحتياطي الفيدرالي في دفع التضخم مرة أخرى نحو المستوى المستهدف عند 2 في المائة.
ارتفاع العائدات، إلى جانب توقعات التضخم الثابتة، أدى إلى دفع العوائد التي يمكن لمستثمري السندات أن يتوقعوا جنيها بعد أن يؤخذ التضخم في الحسبان إلى ارتفاع حاد منذ نهاية العام الماضي. يقول محللون إن الزيادة فيما تسمى العائدات الحقيقية تشير إلى أن المتداولين يتوقعون أن يستمر الاقتصاد الأمريكي في التوسع في الأعوام المقبلة حتى مع قيام صانعي السياسة سحب التحفيز لإبطاء نمو الأسعار القوي.
العائد على سندات الخزانة المحمية من التضخم Tips لأجل 30 عاما - وهو بديل للعائد الحقيقي على سندات الخزانة لأجل 30 عاما - تجاوز الصفر الجمعة للمرة الأولى منذ حزيران (يونيو) 2021. وأغلق العام الماضي عند ناقص 0.47 المائة، وفقا لبيانات بلومبيرج.
قال روبرت تيب، رئيس وحدة السندات العالمية في "بي جي آي إم" للدخل الثابت، "لقد زادت سيطرة الاحتياطي الفيدرالي على الاقتصاد للتو".
في 2021 انتعش الاقتصاد الأمريكي من الركود التاريخي الناجم عن الوباء ونما بأسرع وتيرة سنوية منذ 1984. اللقاحات والعودة إلى العمل والتحفيز الفيدرالي القوي جميعها عززت الانتعاش. لكن حتى وقت قريب، لم ينعكس ذلك في سوق سندات الخزانة.
قال جريجوري وايتلي، وهو مدير محفظة في "دبل لاين كابيتال"، "كانت المعدلات الحقيقية منخفضة بشكل سخيف مقارنة بالأسس الاقتصادية، لذلك من المنطقي أن ترتفع".
كان تقرير الوظائف الصادر الجمعة هو الأحدث في سلسلة من المؤشرات التي توضح هذا الانتعاش. أظهر التقرير الذي تمت مراقبته من كثب أن الاقتصاد أضاف 467 ألف وظيفة الشهر الماضي، على الرغم من الارتفاع الأخير في حالات كوفيد- 19. كما تضمن مراجعة تصاعدية مفاجئة في أرقام الوظائف لتشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر)، وأظهر أن الأجور نمت أكثر من المتوقع.
استجابت السوق بإرسال عوائد سندات الخزانة الأمريكية إلى أعلى، مع وصول عائد عشرة أعوام إلى أعلى مستوى له منذ كانون الثاني (يناير) 2020.
كان من الممكن أن يؤدي تقرير الوظائف القوي إلى ارتفاع توقعات التضخم، لأن مزيدا من الوظائف والأجور الأعلى يمنح العاملين مزيدا من الأموال لإنفاقها، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع التي تشهد ندرة بسبب مشكلات سلسلة التوريد.
بدلا من ذلك، اجتمع التجار حول وجهة النظر القائلة إن الاحتياطي الفيدرالي لديه مساحة أكبر لرفع أسعار الفائدة وتهدئة الاقتصاد. نتيجة لذلك، أنهوا الأسبوع بزيادة تقديراتهم لعدد المرات التي سيشدد فيها الاحتياطي الفيدرالي سياسته هذا العام إلى أكثر من خمس زيادات في سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة في كل مرة، بدلار من أربع زيادات.
لا تزال المعدلات الحقيقية منخفضة وفقا للمعايير التاريخية. تظل عائدات السندات ذات الخمسة والعشرة أعوام "العائد على سندات الخزانة المحمية من التضخم" أقل من صفر. دون مزيد من الحركة في الأسعار الحقيقية - أو دون تغيير في توقعات التضخم - يمكن أن تظل العوائد على سندات الخزانة التقليدية منخفضة حتى مع قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة.
على الرغم من أن الوتيرة التي ترتفع بها أسعار المستهلكين ربما تكون قد وصلت إلى أعلى مستوى لها في 40 عاما في كانون الثاني (يناير)، إلا أن هناك بعض الأدلة على أن الزخم ربما بدأ أخيرا في الظهور.
توقع اقتصاديون شملهم استطلاع أجرته وكالة "بلومبيرج" أن تضخم أسعار المستهلك الأساس، الذي يزيل آثار قطاعي الطاقة والغذاء المتقلبين، سيرتفع في كانون الثاني (يناير) بوتيرة أبطأ مما كان عليه في كانون الأول (ديسمبر). استشهد الاقتصاديون في "باركليز" بالاعتدال في ضغوط الأسعار على الملابس والسيارات المستعملة.
قال آندي برينر، رئيس الدخل الثابت الدولي في "ناتاليانس سيكوريتي"، "أنا مؤمن أن الاحتياطي الفيدرالي قد فاته أمر التضخم برمته، وأنه أمضى وقتا طويلا في الإصرار على أنه عابر، لكن هذا كان سيناريو 2021. أعتقد أن التضخم سيهدأ".