|

أ.د.نايف الوقاع لـ«الحدث»: حراك سياسي تديره القيادة السعودية يؤكد مكانتها الإقليمية والدولية

الكاتب : الحدث 2022-07-16 09:55:45

جدة - ولاء باجسير 

شهدت المملكة العربيةالسعودية حِراكاً سياسياً مكثفاً مع زيارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن  للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظة الله - في يومي 15 و 16 يوليو 2022م بمدينة جدة، والذي جاء عقبها عقد اجتماع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد مع الرئيس بايدن لعرض جوانب الشراكة الاستراتيجية خلال العقود القادمة، بهدف تعزيز مصالحهما المشتركة.
 
وعلى هذا الضوء أوضح أ.د. نايف الوقاع المحلل العسكري الإستراتيجي في لقاء خاص لـ«الحدث» عن حيثيات الاجتماع الذي تم فيه مناقشة عدة ملفات اقليمية ودولية واقتصادية وأمنية، وقال "لا شك أن زيارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن إلى المملكة العربية السعودية وخصوصاً في هذا الوقت مهمه للغاية أولاً لأنها جائت بعد فترة ليست بالقصيرة من حكمه، والبتالي أطلع على متغيرات ومعلومات تؤكد أهمية المنطقة والمملكة العربية السعودية لأمن العالم وأمن الولايات المتحدة الأمريكية وهذة الزيارة تمثل نقطة تحول في الإستراتيجية بعهد بايدن. تحولت من محاولات الابتزاز أو تسجيل نقاط أو مكاسب شعبية داخل المجتمع الأمريكي واستخدام مصطلحات "دولة منبوذة" وما إلى ذلك وكلها تحولت إلى اتفاقيات استراتيجية وتعاون كبير وتمديد صلاحية تأشيرات الزيارة بين الولايات المتحدة من والسعودية من 5 إلى 10 سنوات واتفاقيات اقتصادية، أمنية، عسكرية، وفي مجال الدواء، والأبحاث، والإتصالات، وهذا يؤكد أن المملكة العربية السعودية استطاعت بحنكة وبدهاء إدارة ملف العلاقات مع أمريكا بالرغم من سعي إدارة بايدن إلى تأزيم هذا الملف والإساءة إلى هذة العلاقات، لكن دائماً الحقائق والمصالح في النهاية هى التي تفرض وجودها على الساحة، المملكة العربية السعودية دولة كبيرة ومؤثرة وكل مَن  يحاول أن يقلل من علاقتة مع السعودية حتماً هو الذي ستنالة الخسارة، وقد عملت على أن تكون دولة قوية ومتقدمة وعلى أن تكون دولة ذات خيارات متعددة في كافة المجالات".

أشار "الوقاع" إلى تصريح للرئيس الأمريكي جوزيف بايدن خلال الاجتماع: "لن نترك فراغاً في الشرق الأوسط تشغله الصين وروسيا". موضحاً أن الفراغ الذي ذكره هنا الرئيس بايدن، واعترافه بإنسحاب الولايات المتحدة الأمريكية أو انكفائها من المنطقة كان خطأً، وهذا الموضوع قد حدث في عهد الرئيس السابق أوباما للأسف، وبالتالي تقدمت الصين وروسيا وتقدمت دول مثل كوريا الجنوبية لملىء هذا الفراغ، وليس بالضرورة الفراغ الذي تركتة الولايات المتحدة هو فراغاً أمنياً أو عسكرياً، فَالمملكة العربية السعودية ودول الخليج تملك القدرات الدفاعية الضخمة التي تستطيع أن توظفها للدفاع عن مصالحها وامنها واستقلالها واستقرارها. واعتراف الرئيس الأمريكي على انهم ارتكبو خطأً بهذا الفراغ أو بترك المنطقة.

حقيقةً يحمل مؤشرات بعيدة جداً، وقرآتي لهذا التصريح أن هناك بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية والدعم الصيني لروسيا ونوعاً ما الهندي وهى دول كُبرى، وضع الخطوات الأولى لتكوين قطبية جديدة في العالم لمنافسة الولايات المتحدة الأمريكية اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً وصناعياً بالتالي أدركت أمريكا أنه أي تأَزُم لها مع أي دولة وخاصةً في المنطقة سوف تتجه هذة الدولة إلى هذا التكتُل الجديد وسيضعف الإقتصاد والقوة الأمريكية، ولذلك نحن لا نلوم الأمريكيين، وهم سواء كانو قادة أو سياسيون براغماتيون عمليون بمجرد ما أدركو فقدان المملكة العربية السعودية أو فتور العلاقات معها يهدد المصالح الأمريكية العُليا، مباشرة جاء الرئيس بايدن بنفسه وتجاوز كل ما قال ومسح جميع التهديدات والوعود التي أطلقها في حملتة الانتخابية، وحقيقةً المملكة العربية السعودية لم تصل إلى هذا المستوى وهذة المعادلة الندية إلا بعد جهد كبير يسجل لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذين قادو المملكة إلى أن تحتل مكانتها الطبيعية، ايضاً قوة الشعب السعودي وادراكه ووعيه والتفافه حول قيادتة ودفاعة عن وطنة جعل المملكة العربية السعودية معادلة صعبة لا يمكن تجاوزها ولا يمكن المرور من خلالها، ايضاً ليس من مقتضيات هذا التصريح حتى وإن عادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تتوقف المملكة عن إقامة علاقات طيبة وقوية مع روسيا والصين، لأن المملكة من سياستها منذ التأسيس هى تنوع المصادر الاقتصادية والدفاعية والتسليحية وكذلك الموازنة بين العلاقات الدولية لإدراكها بأن المصالح متغيرة وكل قطب أو دوله في العالم  تتبع مصالحها ومناهجها، ومحاولة فرض افكارها ورؤاها وقيمها على الآخر بالتالي إذا لم يكُن لديك بدائل فإنك إما ستكون خسارتك مضاعفة أو ستضطر الإذعان لشروط التي يفرضها عليك الآخر، ولهذا السعودية تجاوزت هذة المرحلة بأنها أصبحت شريك فاعل ومؤثر في صناعة السياسات العالمية.

أكد "الوقاع" على تغيير الأولويات الأمريكية وذلك بعد أن فشلت محاولاتهم لإحداث تغيير ديمغرافي وتغيير حدودي وتغيير في التركيبة السكانية ولكن مع مرور الوقت تبين لهم أن هذة الأهداف لا يمكن تحقيقها ولذلك انكفئو من المنطقة بعد اشعال الصراعات فيها واتجهو إلى بحر الصين ومحاصرتها بالتالي كانت هذة الاستراتيجية الجديدة، والان بعد الصراع الروسي الاوكراني وبعد ظهور بوادر تشكيل تحالفات دولية جديدة وبعد أزمة الطاقة والغذاء أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أن منطقة الشرق الأوسط منطقة محورية لأمن واستقرار العالم والطاقة، وبالتالي اضطرت أمريكا تعود وبتنازلات كُبرى قدمتها للمملكة ولدول الخليج، ولذلك نعم ملف الطاقة سيكون حاضر ومهم وملف الأمن ومكافحة الإرهاب في المقدمة وملف التنمية على كافة الأصعدة،وملف الشراكات التقنية والتصنيعية من الاهتمامات السعودية لأنها لم تعد تقبل أن تكون دولة مستوردة فقط وإنما لابد من توطين جزء كبير من المكون الصناعي في المملكة وهذا ما أدركته الولايات المتحدة، وبالتالي تم التوقيع على اتفاقيات في مجالات متعددة لتوطين الصناعات في المملكة العربية السعودية.

وقال"أ.د. نايف الوقاع": إيران خطر محدق ليس فقط في المنطقة وإنما في العالم، والإرهاب الإيراني امتد من الارجنتين جنوباً إلى أمريكا الشمالية ومن الغرب وصولاً إلى كندا وامريكا شرقاً إلى كل مكان، وبالتالي نعم، يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية أدركت، حيث كانت ( تلهث ) وأؤكد على تلهث خلف الاتفاقية  النووية الإيرانية ولكن في الفترة الاخيرة اكتشفت أن هذا الأمر خطير جداً، والتصريحات التي صدرت من الرئيس بايدن والبيان المشترك نص على هذا بأن "الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية حتى ولو تم اللجوء إلى الخيار العسكري، وهذا تطور ليس بالأمر الهين في ظل وجود الحزب الديمقراطي في سدة الحكم، وحقيقةً إيران تجاوزت الخطوط الحمراء والمباديء والأخلاق وحسن الجوار، وهدف إيران هو أشغال الفوضى في المنطقة والتدمير واحتلال الدول وبالتالي أدركت أمريكا أن ما كانت تطرحه السعودية ودول الخليج من الخطر الإيراني كان هو التشخيص الدقيق والصحيح، وما يجعلنا متفائلين هو ايضاً اكتشاف أوروبا لهذا الخطر لأن الدول الثلاثي بريطانيا فرنسا ألمانيا كانت تدافع عن إيران وكانت تطالب الولايات المتحدة برفع العقوبات عنها وكانت تزعم أنه يمكن احتواء إيران، الان الجميع اكتشف سذاجة هذا الطرح، لكن سيكون هناك تعزيز للدفاعات الخليجية بتنفيذ صفقات الأسلحة المتقدمة الذي سبق وأن طُلبت وتم ايقافها من الولايات المتحدة، وأنا اعتقد بأن الايام القادمة ستشهد آفاق جديدة وقوية ومتينة لعلاقات عسكرية دفاعية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وأضاف "الوقاع" عن استطاعة المملكة العربية السعودية بمهارة وبُعد نظر في إدارة أمن الممرات المائية الدولية وأمن الطاقة بإحترافية كاملة، ولنتخيل لو لم تستطع المملكة الوصول إلى اتفاقية أوبك وأوبك بلس تحت ظل هذة الظروف الدولية لكان أصبح إنتاج البترول فوضوياً وانفلات في الأسعار، ولكن السعودية استطاعت بإقتدار أن توازن بين العرض والطلب والحفاظ على مستوى الأسعار وأمن الطاقة وامداداتها، وكل الذين طالبو بمبادرة السعودية من الاوروبيين والامريكيين بضخ المزيد من براميل البترول يومياً و قُبِل بالرفض وتم الايضاح بأن ذلك سيكون خطأً، وأوبك بالتحديد لا تتعامل من خلال العواطف أو الاراء السياسية وإنما من خلال معطيات السوق ومعطيات العرض والطلب والمخزون والقدرة على الإنتاج والاستكشاف والاستثمار طويل المدى ولذلك نقول أن النجاحات السعودية على كافة الأصعدة وهى مثال يُحتذى لإدارة الأزمات الدولية من خلال الرؤية السعودية.