|

أبي.. سيجف القلم

2020-01-26 09:58:34

كلما توالت صفحات الأيام كلما أوغلت الوحشة في حياتنا وصرنا كالطالب الذي يسترجع بذاكرته ما درسه خلال العام الدراسي أثناء تأديته لإختبار نهاية العام الدراسي ، نسافر دائماً إلى الماضي كي نستلهم ما كانوا يقومون به وهم بيننا ننعم بوجودهم ، وإحساس طاغٍ بالوحدة في دواخلنا يلفنا ليلاً ونهار ولا نجد طمأنينة لقلوبنا أو سكينة لفرائضنا سوى التبتل الصادق لله ودعوات دامعة للمولى عز وجل أن يرزق آباءنا الفردوس الأعلى من الجنة أحياءً وأمواتاً.
مهما كُنا كِباراً فإحساسنا بآبائنا يبقى طفولياً في أعماقنا لا يكبر مهما كُبرنا ولا يضعف وهجه بمرور الأيام وعندما نفقدهم نصبح مثل قافلة تاهت في صحراء قاحلة بعدما فقدت قائدها ودليلها ، “الوالد” كلمة عظيمة لشخص عظيم عمل ويعمل على بناء الأُسرة والحفاظ على مكوناتِها متماسكة لا يفرقها أي شيء ، فهو المربي والمعلم والصاحب والصديق والكادح الذي يقضي الساعات الطوال في العمل من أجل سعادة الأسرة واستمرارها فلا يشغله شاغل عنها، ولا يمنعه عن بذل أقصى الجهد أي شيء، فهو يمنح بلا سبب، ويعطي دون مقابل، ويسمع من غير حاجة إلى البوح بأي شيء، يحنو على الصغار، ويصاحب أبنائه الكبار، وله دور هام في عملية النصح والإرشاد والاستماع للأبناء وحل مشاكلهم، وتتداخل أدوار الأب مع الأم في تربية الأبناء والحفاظ على الأسرة وتقديم الدعم والرعاية لأفرادها ..
لا يعرف قيمة الشيء إلا فاقده ، فعندما يغيب الأب بسبب السفر أو الوفاة تظهر هُوَّة كبيرة في الأسرة، وينكشف الفراغ الذي يتركه الأب ، فتتأثر الأسرة وتفقد أكبر مقوماتِها، ويشعر من فيها بحالة من الغربة وافتقاد الوتد الذي كانت ترتكز عليه خيمة الأسرة، وهنا يأتي دور الأبناء في بر الأب بعد الموت، بالدعاء له وبذل العمل الصالح إليه، فهو يصله حتى بعد الموت ولا ينقطع عمله إن وجد له أبناء صالحون يدعون له فهو الذي رباهم على طاعة الله ولن ينسوه من أعمالهم الصالحة ما داموا أحياءً ..

         نسأل الله أن يغفر لهما أحياءً وأمواتا وأن يجعل
          الجنة خير منازلهم وأن يتجاوز عنهم..