|

” إنسانيون “

2020-01-25 10:01:23

” إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية”
سيد قطب

لم تكن الانسانية في يوم ما لفئةٍ دون غيرها , فقد خُلق الإنسان انسانيٌ بطبعه واجتماعيٌ بكل تأكيد , لا يعيش بمعزلٍ عن المحيطين به , حتى وأن امتلك كلّ اسباب السعادة.
فَـ الاحترام , والصدق , والتقدير , والتعاون , والرفق , والثقة , والاخلاص , والثناء والتقبل احدى اشكال العلاقات الانسانية التي نمر بها جميعا في حياتنا اليومية .
شُبهت العلاقات التي تخلو من الانسانية بالجفاف , فالأرض حينما تُجدب تتناقص منها ألوان الحياة , وتصبحُ ملامحها قاسية كئيبة , و لابُدَ أن تستغيثُ مطراً لتُروىَ بالكائنات.
واني لأعجب حقاً , كيف بأناسٍ يجمعهم مكاناً واحد , إلا أن ارواحهم شتى , قلوبهم متنافره , و كلماتهم حاده , وافعالهم مؤذيه , ويصل الامر لدرجة البغضُ والعداء في بعض الاحيان .
لطالما كانت العلاقات الاسرية اكثر حظاً من غيرها من العلاقات الانسانية , بما فيها من تراحمٍ ورفق , كيف لا وهي اللبنة الاولى والبيئة الآمنة الصانعة للقيم والمبادئ والأخلاق السوية عن طريق اعواماً من التنشئة.
ولكن نجد من الآباء تجاه فلذات اكبادهم الكثير من التحجيم لمكانتهم والتقليل من شأنهم وشأن قراراتهم وافكارهم و ثقتهم بأنفسهم في الوقت الذي من المفترض ان يجد الأبناء ملامح القدوة , نجدهم يبذرون حتى الالفاظ النابية دون تردد فماذا سيكون الحصاد ؟!
الأبناء اعداءً تجاه بعضهم , رُحما لغيرهم .
الزوجين حينما تُبنى حواراتهم على الاستنقاص والنقد المستمر عوضاً عن التفهم والمودة والرحمة , ويؤخذُ سوء الفهم بسوء الموقف , حتى تصبحَ قناعة مُسَلمةٌ لكلا الطرفين , ومن باب العمد مع مرور الوقت , فلا مغفرةٌ تُرجى ولا تغاضي , لذلك نجد احياناً تباعدَ افئدةٌ لا يجمعها سوى سقف بيت فقط .
اصدقاء العمل والحياة , لطالما اعتُبرت الصداقة انها اسمى العلاقات الإنسانية اصبح البعض يتصيد الاخطاء ويسرف في العتب دون وجه حق , ينقل ما يُسيء و ينكرُ الإساءة .
مبدأ التنافس الشريف الذي يجعلك تُسخر كل الطاقات الابداعية لديك لتحقيق هدفاً تسعى للوصول إليه , مع المحافظة على علاقتك بالمُنافس في مجال عملك وتمني الخير له , اصبحَ عند البعض صراع وكأن تحقيق الاهداف يتطلب أن نُسقط غيرنا لنبقى الوحيدون فقط حتى وان لم نستحق.
هناكَ ايضاً فئةٌ شاذه عابثه تنصلت من معاني الانسانية من خلال تعاملها القاسي مع حيوانٍ اكثر رأفة منها , فإذا لم توقرُ الانسانية في قلبه تجاه غيره , فكيف يرحمُ كائناً اضعف منه..
لا اُعمم حديثي السابق بلا شك , ولكني اتحدثُ عن القِله , والقلةُ تلك لا يُخفى اثرها على الجميع .
بكل صدق الإنسانية لا تتطلب تهيئة ومهارة لخلق هذهِ الصفة , لأنها شعورٌ فطري للرحمة والمواساة والرفق والكثير الكثير من الرأفة والصدق والحب والعطاء .
.
.
” تُبنى جسور العلاقات الإنسانية على مبدأ الصدق , و ينخر وباء الكذب ثباتها , فَـ عاملني بإنسانيتك ودع عنكَ التبرير لفعلٍ مصطنع “
ـــــــــــــ
أشواق السعيد