|

كيف تكون مبدعا؟؟

2019-12-13 11:30:23

في بداية مقالتي هذه عن الإبداع وكيفية أن تكون مبدعا أود بادئ ذي بدء أن أشير في هذا السياق إلى مقالة للدكتور المتميز / محمد السيد ابو الفتوح المحاضر والمدرب بمعهد الإدارة العامة بالرياض والتي كانت تحت عنوان “حقائق عن الإبداع” والصادرة بمجلة التنمية الإدارية التي يصدرها المعهد في عددها رقم (١٧٠) وكان لها الأثر البالغ والمحفز الكبير لي للكتابة عن هذا الموضوع وأن أدلو بدلوي المتواضع في موضوع الابداع من زاوية أخرى .
فمما لاشك فيه – أعزائي القراء – اننا بحاجة هنا لأن نتعرف على ما هو الإبداع ؟ فالإبداع عملية معقدة وصعب تعريفها بسهولة على الرغم من انه قد خاض الكثير من الباحثين والمتخصصين في خفايا وأسرار الإبداع والفكر الإبداعي الا انهم اختلفوا اختلافا كبيرا في تعريف محدد وواضح لمفهوم الإبداع ولعلي هنا أعرف الإبداع من خلال مفهومي الشخصي والخاص على انه “الإبتكار الجديد والغير مسبوق والمبهر في ذات الوقت وليس له مثيل سابق وله تأثير في مجاله” .
ولو استعرضنا في معرض حديثنا هذا المبدعين سواء في التاريخ القديم او الحديث لوجدنا أن للعرب والمسلمين القدامى اهتمام كبير بمفهوم الإبداع وقد خرج وظهر الكثير من المبدعين العرب والمسلمين القدماء وفي شتى مجالات الحياة المختلفة سواء النظرية منها أو التطبيقية فنجد على سبيل المثال لا الحصر ابن سينا في الطب وابن الهيثم في الانكسار الضوئي وعلم البصريات والفيزياء وابن رشد في الفلسفة والطب وأيضا نجد من المبدعين العرب المسلمين القدماء أئمة المذاهب الفقهية الأربعة وغيرهم الكثير من المبدعين الأوائل ممن شيدوا لنا حضارة إسلامية وعربية زاخرة وزاهرة في ذات الوقت بإبداعاتهم المختلفة والتي لا نزال نعيشها ونعيش صداها ليومنا هذا ونزهوا ونفاخر بها الأمم .
وفي العصر الحديث نجد الكثير والكثير من المبدعين والمخترعين سواء من المسلمين العرب أو غيرهم من الأمم فمثلا نجد الدكتور / أحمد زويل في مجال الكيمياء والدكتور/ فاروق الباز في علوم الفضاء والدكتور/ عبدالله الربيعة في مجال الطب وفصل السياميين ومن الغرب نجد انشتاين في الفيزياء ونظريته النسبية وجراهام بل مخترع الهاتف وفرديرك تايلور وماسلو في العلوم الإدارية والإنسانية وغيرهم الكثير الكثير كل في مجاله وتخصصه .
فكل هؤلاء المبدعين والمخترعين تميزوا عن غيرهم بالشخصية الإبداعية والتي لها دور هام في عملية الإبداع والإلهام .
فالمبدع شخص ملهم ويتميز عن غيره بإحساسه المرهف ، وخياله الخصب والواسع ، متقد الذكاء دائم التفكير ، حر وجرئ في افكاره واطروحاته وتعبيره عن رأيه ، فمن وجهة نظري أن الشخص المبدع هو شخص موهوب بالفطرة ولكن لابد له من أن ينمي هذه الهبة الفطرية والإلهية بالبحث والدراسة ويصقلها والتجارب .
وحتى تكون شخصا مبدعا لابد لك من أن تمتلك مجموعة من الصفات والسمات التي تميزك عن غيرك كأن تكون لديك مثلا القدرة على التحليل وأن تكون قادرا على إستخدام طرق غير إعتيادية وغير مألوفه في التفكير والإنجاز ، وأن يكون لديك استعداد تام ودائم على ما يعرف بعملية العصف الذهني وحل المشكلات مهما كانت معقدة وصعبة في نظر الآخرين ، وكل تلك السمات لن تتحق لك كمبدع الا إذا كنت متسما بالشجاعة والجسارة وحب الفكرة محل البحث وحب المجازفه وعدم الخوف من خوض التجربة مهما كانت درجة صعوبتها
وعليك كمبدع أن تبتعد كل البعد عن كل ما من شأنه أن يعيق إبداعك كعدم الثقة في النفس وشعورك بالنقص والخوف من محيطك كتهكم الآخرين وسخريتهم من افكارك الغريبة عليهم ، ولك أن تعرف أن “توماس اديسون” مخترع المصباح الكهربائي لم يصل إلى اختراعه العظيم والفذ ذاك الا بعد أن خاض أكثر من ١٠ آلاف تجربه فاشلة ولكنه لم يستسلم ولم يحبط رغم تكرار الخطأ والفشل بل حفز نفسه بمقولته الشهيرة ” أنا لم أفشل بل وجدت ١٠ آلاف طريقة لا يمكن للمصباح أن يعمل بها” .
فالثقة في الله عز وجل اولا ثم في النفس ومقدار التفائل والإيمان الراسخ بالفكرة يؤدي إلى الإنجاز والإبتكار والإبداع فلا يمكن لأي شئ أن يتحقق او أن يتم بعيدا عن الأمل والإيمان والثقة في الذات . وبتبنيك لكل الأفكار المطروحة من سمات وخصائص مبتعدا في الوقت نفسه عن كل المعوقات المذكورة مستشهدا ومستحضرا لتجارب السابقين واللاحقين من المبدعين تكون بالتالي مبدعا.