|

حدثني أحـد الثقات:

الكاتب : الحدث 2022-04-12 02:40:55

يقول أحمد فؤاد نجم: "رجال الدين ليسوا نصابين، بل النصابين أصبحوا رجال دين"، هذه حقيقة مؤلمة وواقع مُر عشناه عقودًا من الزمن، وينطبق على ثلة من دعاة مال وشهرة وهوى، صنعهم تنظيم حزبي وسوقهم إعلام غبي، ليصبحوا رموزًا دينية انجرف خلفها البسطاء، حتى ظنوا أنفسهم علماء دين ومفكرين! وسؤالي أين هم اليـوم، وهل بقي لهم أثر؟

وللأسف أن من نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين (ولا أعني الدعاة الثقات والمشايخ المعتبرين)، عند الحوار معهم تجدهم فارغين، فأغلب تلك الفئة بسطاء تابعين ومنهم من لم يدرس العلم الشرعي في الجامعات بل تلقاه من مشائخ ودعاة ضالين مضلين خدعوهم في شبابهم، مستغلين بساطة فكرهم وصغر عقولهم وضحالة علمهم.

وقول الإمام الشافعي رحمه الله: "لأن أرتزق بالرقص أهون عليّ من أن أرتزق بالدين"، هو رسالتي لكل من تلبس هيئة المتدين وتاجر بالدين، لتحقيق مصالح دنيوية من مال وجاه وشهرة وذات، أو لتمرير أجندة تيارات فكرية حزبية إرهابية، ونصيحتي لهم عودوا إلى الحق تفلحوا ففيه الخير والعدل والنصر، قال تعالى منذرًا: "واشتروا به ثمنًا قليلًا فبئس ما يشترون"، وقال سبحانه مبشرًا: "لا يشترون بآيات الله ثمنًا قليلًا أولئك لهم أجرهم".

ومن أسوأ الآفات التي سادت في مجتمعنا لعقود هي آفة غلو العاطفة وجعلها مصدر التقييم والحكم على الآخرين بالشكل الظاهري، فبمجرد رؤية شخص بهيئة معينة يعطى الحصانة والتنزيه، خذوها مني وأجري وأجركم على الله، أغلب من عرفتهم بتلك الهيئة ينطبق عليهم قول الله تعالى: ‏"وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحةٍ عليهم هم العدو فاحذرهم"، وقوله سبحانه: "يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون".

والسبب الرئيس من وجهة نظري لظهور داء الإلحاد في المملكة‬⁩ هو تقاتل التيارات الفكرية الحزبية فيما بينها، ومحاولة كل منهما شيطنة الآخر، مما زعزع ثقة الشاب المراهق في عقيدته ودينه، قال تعالى: "أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً"، كما أن هناك أسباب أخرى لا تخفى على كل ذي عقل لبيب.

الإسلام دين المحبة والسلام وما آل إليه حال الأمة الإسلامية اليوم من ضعف وهوان هو بسبب إختطافه من ثلاث مجموعات الأولى: شوهته بالتطرف والإرهاب، والثانية: أتخذته مطيّة للتربح والشهرة والبحث عن المكانة الاجتماعية وتحقيق الذات، والثالثة: تسعى لعلمنة الدولة وتغريب المجتمع بدافع وحجة حقوق الإنسان والحرية والعدل، والحقيقة المرة جميعها تكذب، والنتيجة المؤسفة جميعها تنجح!

والسعودية ولله الحمد تنعم بوحدة وطنية قوية ونادرة، لا طائفية دينية ولا أحزاب سياسية ولا قبلية متعصبة، جميع المواطنين سواسية كأسنان المشط، يتصفون بعشق بلادهم وولاء منقطع النظير لولاة أمرهم، يقول تعالى: "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء".
حفظ الله بلادنا ومقدساتنا وولاة أمرنا وشعبنا السعودي العظيم من كل مكروه وسوء.

المستشار والكاتب:
محمد سعيد آل درمة
@mohammedaldermh