|

دين الأمة في خطر.

الكاتب : الحدث 2022-04-21 03:16:14

 
قد لا ابالغ إذا قلت إن " أمة في خطر" التي قادها الرئيس الأمريكي ريجان 1983 للنهوض بالتعليم، وإنقاذ أمريكا من خطر التخلف العلمي يقارب ما نمر به حاليًا من خطر محدق بثوابت الدين لدينا، ففيما تزخر مصادر الدين الإسلامي بشواهد تغني المسلم مشقة العمرة نجد أن متسنمي المنابر في الجوامع والقنوات الفضائية يكرسون مفهوم أهمية وقيمة عمرة رمضان وهي سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
"أمة الإسلام في خطر" لأن بعض المتزعمين للمنابر كرسوا مفاهيم سننية وحولوها إلى ثوابت، وفروض أنيتها ، وأهميتها أكثر من أركان الدين ذاته، بما فيها الركن الخامس " الحج لمن أستطاع" ، وكرسوا العادات حتى طغت على العبادات، وجعلوا بعض العبادات تساوى في ثوابها ، وأجرها الحج والعمرة، وهذه حقيقة لا غبار عليها ، لكنهم ركزوا على فضل العمرة في رمضان مما أوصل الفكر لدى العامة إلى درجة "الخطر" ، وأهملوا ما جاء من توضيح في مصادر التشريع الإسلامي ومن ضمنها كتاب "لطائف المعارف" الذي بين وشرح السنة النبوية الشريفة، والشريعة الإسلامية، وذكر عدة أعمال تعادل الحج والعمرة مثل:
فضل بر الوالدين ففيهما جنة الدنيا والآخرة .. عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم وصى رجلاً ببر أمه وقال له "أنت حاج ومعتمر ومجاهد" ففضل بر الوالدين يعادل حج وعمرة وجهاد في سبيل الله، وفضل جبر الخواطر وقضاء حوائج الناس تعادل أجر حجة، قال الحسن: مشيك في حاجة أخيك المسلم خير لك من حجة بعد حجة، وآداء واجبات الوظيفة مصدر الرزق يعادل أجر حجة، وأفضل من الغياب عن العمل لأداء سنة وترك واجب، و صلاة العشاء في جماعة كحجة والفجر كعمرة .. قال عقبة بن عبد الغافر: صلاة العشاء في جماعة تعدل حجة وصلاة الغد" أي الفجر" في جماعة تعدل عمرة ، وكف الأذى عن الناس يعدل فضل حجة قال الفضيل بن عياض: ما حج ولا رباط ولا جهاد أشد من حبس اللسان، وصلاة الفجر في جماعة ثم ذكر الله تعالى إلى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين يعدل حجة وعمرة.. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى الصبح في جماعة ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له مثل أجر حجة وعمرة تامة".
والخروج إلى المسجد لأداء صلاة مفروضة كحجة.. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تطهر في بيته ثم خرج إلى المسجد لأداء صلاة مكتوبة فأجره مثل أجر الحاج المحرم، ومن خرج لصلاة الضحى كان له مثل أجر المعتمر"، و التسبيح وذكر الله بعد الصلوات كحجة وعمرة.. عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالأجور بالدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أحدثكم بما لو أخذتم به لحقتم من سبقكم، ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين".
 
 
 
و حتى صلاة الجمعة تعدل حجة، و أجرها كصلاة زيادة.. اعتبر الإسلام أن شهودك لصلاة الجمعة يعدل حجة تطوع قال سعيد بن المسيب هو أحب إلى من حجة نافلة، والعمرة في رمضان حجة في الأجر ..فات بعض النساء الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدم سألته عما يجزئ من تلك الحجة قال: "اعتمري في رمضان فإن عمرة في رمضان تعدل حجة أو حجة معي".
لاحظوا كم سردت لكم من أعمال تعادل حجة وعمرة بينما يركز بعض متسنمي منابر المشهد الإسلامي على فضل العمرة في رمضان حتى أصبحت عادة، وبريستيج وسياحة وتخبيص، وقد يكون فيها من المشقة والتعب والضرر ما الله به عليم، من هنا نجد أن " أمة الإسلام في خطر" وإنهم بحاجة للدعاة المعاصرين الذين يراعون الظروف والأوضاع المعاصرة، وأن يقرنون دعوتهم لفضل العمرة في رمضان بذكر فضائل أخرى وأعمال أخرى تعادل الحج وهو ركن وتعادل العمرة وهي سنة ولو كانوا يعلمون مشقة وتعب وتحويشة العمر لمن يأتي إلى مكة المكرمة من أصقاع الدنيا مرة واحدة في العمر لخففوا لغتهم التي تحث على العمرة في رمضان وكأنها الدين كله.

أمة الإسلام في خطر بعد أن ساهم ممارسي التهييج والتأثير في هذا الخطر، وبعد أن اختلاط الحابل بالنابل، وزاد الخطر المحدق بمفاهيم المسلمين من الذين عبثوا بالعبادات وحولوها إلى عادات شكلية خالية من المضمون، وقد نصل إلى أمور لا تحمد عقباها إذا استمرينا في التدافع لأداء العمرة في رمضان، وتجاهلنا باقي تفاصيل ديننا الإسلامي الحنيف.
احسنوا ممارسة أعمالكم الصالحات الباقيات، وأحسنوا جور النعم التي أنعم الله بها على هذا البلد، واحترسوا من الدعوات المنبرية والفضائية من بعض دعاة الفضيلة، فالأعمال التي تعادل حجة وعمرة كثيرة ويكفي ركعتين تخلص فيهما النية لله لا تحدث بها نفسك فكأنما حيزت لك الدنيا بقضها وقضيضها... احسن الله خاتمتنا وخاتمتكم.

الدكتور صالح الحمادي