|

تعاضد الأجيال

الكاتب : الحدث 2022-04-20 01:36:44

الصورة النمطية المتجذرة التي صورها المجتمع للشخص المتقاعد من عمله ؛ صورة أقرب إلى العزل غير المتعمد لحياته و تاريخه بأكمله، وكأن التقاعد نافذة تطل على نهاية المطاف ، بينما لو استثمرنا هذه الخبرات _التي عايشت عقودًا مختلفة_لتتبلور مع عقول مندفعة ذات حداثة من فئة الشباب للمسنا استشرافًا  لمستقبل يضاهي التوقعات. 

ما جعلني أترجل عن ركب الحديث المسهب عن الجيل الجديد و أصافح بقلمي الجيل الذي سبقنا لإعمار ونهضة وطننا ، ذلك لما لمسته أثناء عبوري السياحي، لأحد الأماكن الأثرية، لكلمات مسن كسا الشيب رأسه وعلت ملامحه دلالات زمانية تروي قصة من الكفاح والنجاح ممسكًا بعصاه على كرسي انتظار ، طال بلا هدف، ليقضي شيئا من وقته في الحديث مع المارة ،  فما كان مني إلا أن تجاذبت معه أطراف حديثًا أقرب لورشة كنت في أوج الحاجة لها ،  وفي خضم الحديث لمس (المسن) في ثنايا تساؤلاتي اهتمامًا بحروفه ، فما كان من أبي محمد إلا أن استرسل بهدوء شجي، لأجد في بحور كلماته مفكرًا حقيقيًا ومخططًا وناقدًا مركونًا على عتبات الزمان ، عدت على أبي محمد(المسن الوقور) بالسؤال ألا تفكر في الانضمام لإحدى الجمعيات التطوعية التي تهتم بمجال الخدمة المجتمعية! ليجيبني وقد علت وجهه ابتسامة استغراب وبصوت زاد خفوته، "يبون شباب وش بقى لنا من العمر ".

خلدت كلماته ألم التفريط في ثروة حقيقية وفكر متمرس ، فمع مناداتنا لدعم الشباب واستقطابهم وتوظيف طاقاتهم، إلا أن التكامل المأمول من توظيف خبرات المتقاعدين سيعود بالنفع بشكل أكبر، ويرسم ملامح مستقبلية تبنى بعقول ذات فكر بنته خبرات السنين، وعزائم شابة منفتحة على المستجدات اللازمة للحداثة والوصول برؤيتنا إلى الهدف المنشود ، فالعمر ليس مقياسًا حقيقيًا للعطاء ، فحق لهذا الوطن استثمار كل طاقاته الفكرية بلا قيود عمرية حتى نحلق بأحلامنا التي تسمو فيها وطنيتنا دائمًا.


بقلم ✍🏻 فريال الوادعي