|

سوف ندمرهم اليوم وفورًا:

الكاتب : الحدث 2022-04-27 01:58:10

وما زال يظن قلة من أبنائنا المؤدلجين عقليًا المختطفين فكريًا المبرمجين نفسيًا المهرولين خلف ثقافة الجماعة منذُ نعومة أفكارهم وبعض العوام قليلي الحظ من التعليم الذين يتوهمون أنهم يمتلكون الحقيقة وأنهم دوماً على صواب وسواهم على خطأ، يظنون أنك بمجرد انتقادك لثلة من الدعاة المتمشيخين المشهورين على وسائل التواصل الاجتماعي أو إبداء ملاحظة على رأيٍ لهم أو طرحك لوجهة نظر في مسألة دينية أو اجتماعية فيها خلاف فقهي بين المذاهب الأربعة يتفق عليها ثلاثة مذاهب ويخالفهم مذهب واحد وأولائك الثلة مع المذهب الواحد، يظنون فيك ظن السوء ويبدأون يصنفونك على التيار الليبرالي والعلماني ويوصفونك بالفاسد وأن لك موقف من المتدينين وخلافه، وذاك يالعمري قمة الاختطاف العقلي والمرض القسري الذي يصعب فك أسر السجين منه، عندما يُختزل الدين الإسلامي الحنيف ورسالة محمد عليه الصلاة والسلام في مذهب واحد أو في منهج جماعة بدعية متأسلمة أو تيار سياسي حزبي.
 
وأسوأ مسافة تزرع بين الناس هي مسافة سوء الفهم المبني على التصنيف المسبق أو الظاهري وأسوأ حاجز يخلق بين البشر ويؤدي إلى نزاع وشقاق هو حاجز اختلاف وجهات النظر التي يصعب تجاوزها أو التقريب بينها لأسباب عدة كالتباين في البيئة والتعليم والشخصية وأهمها وأخطرها تبعية أحد المتحاورين أو كلاهما لفكرين متنافرين تربويًا وتعلمًا منذ نعومة أفكارهم عليه، فأصبح من الصعب التحرر والخروج منه والقبول بالنقد للتيار أو الجماعة التي احتضنتهم منذُ الصغر، فجعلوا من قادتهم كهنوت يقاتلون ويهاجمون من ينبس ببنت شفة تجاههم وكأنهم رسل معصومين والعياذ بالله.

يقول الخليل بن أحمد رحمه الله: "الرجال أربعة، الأول رجل يدري ويدري أنه يدري فذاك عالم فاتبعوه، والثاني يدري وهو لا يدري أنه يدري فذاك ناسٍ فذكروه، والثالث لا يدري وهو يدري أنه لا يدري فذاك جاهل فعلموه، والرابع لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك أحمق فاجتنبوه"، والمؤسف أن الفئة الأولى قلة في هذا العصر والرابعة هي الأكثرية، لذلك كثر الهرج والمرج والهراء والمراء، فطوبى لمن تبع عقله وحكم ضميره ونأى بنفسه عن الهوى وعن التبعية للجماعات الحزبية ونعِم عقله بالحرية الفكرية، ومن المعلوم بالضرورة أن الجماعات الاسلاموية المسيسة التي أنخدع بها الكثير حقبًة من الزمن وما زال آخرين حتى اليوم، يظنون أنهم خيرًا من غيرهم وأنهم فقط على تقوى وحق وغيرهم على ضلالة وخطأ، وأن عملهم خير عمل ويخدم الدين الإسلامي وسواهم خطر على الدين وضرر، وهم بذلك المنطق لا يزالون في قمة الحمق والجهالة، يقول سبحانه: "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالًا الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً".

وللأسف يصر الحركيين على تصنيف فكرك ولا يقبلون أن يكون حرًا مستقل ولا يصدقون أنك لا تنتمي لحزب ولا تتبع لفكر جماعة أو تنظيم، سوى أنك مسلم تؤمن بالله وتسير على سنة نبيه وتغار على وطنك، وتعمل في دنياك ما فيه سعادة وفلاح آخرتك، قال سبحانه وتعالى: ‏"إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون".
ويقول الفضيل بن عياض رحمه الله: "عليك بطرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين".
والأكيد الذي لا جدال فيه أن الإسلام دين قيم ربانية وأخلاق إنسانية تتعايش مع الكل وتدعو لله سبحانه وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة.

المستشار والكاتب:
محمد سعيد آل درمة
@mohammedaldermh