|

مبادرات القبائل بين الرجاحة والسفاهة

الكاتب : الحدث 2023-02-01 10:00:55

 

لا خير في إسراف ولا إسراف في خير ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد، قال تعالى: "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولًا معروفًا".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال".

ينطبق قوله سبحانه وتعالى وحديث الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام أعلاه والله أعلم على بعض القبائل والقرى التي تقتطع الأموال من قوت أبنائها وتجمعها ثم تنفقها وتبذرها في غير محلها تحت ضغوط وإلحاح من أولياء لا يكونون للأسف على قدر المسؤولية وحسن الظن بهم والثقة فيهم، عندما لا يتحلون بالحكمة في التصرف والعقل في التصريف للأموال التي تُجمع من الأثرياء والفقراء على حدٍ سواء.

 تهدر أموال طائلة في مشاريع هامشية هشة لا قيمة حالية أو مستقبلية لها، فقط لتمسك فئة قليلة ذات مصالح نفسية وأهواء شخصية ومنافع حسية بموروثات قبلية تجاوزها الزمن وأيضًا لاتفاق الأغلبية عليها لأنه لا مصلحة لأحدٍ فيها، وتهمل المشاريع الأهم والتي من الأجدى الالتفات إليها لخوفهم من الاختلاف عليها، فيُعبث بأموال هائلة في أعمال لا جدوى حالية ولا فائدة مستقبلية ترجى منها تعود بالنفع على العشيرة وأبنائها.

وتجبى تلك الأموال بطرق ملتوية أقل ما يقال عنها غير أخلاقية وتتنافى مع بذل المال بطيب نفس، يغلب عليها الإعلان والتشهير والتباهي والرياء ويُعمل فيها على إذكاء روح التنافس في المفاخرة والاستعراض بكثرة المال والولد، ولو لم يُسلك هذا المنهج الخفي الخبيث الذكي لم تُحصل مئات الآلاف من الريالات.

والمحزن المبكي المؤسف في الأمر والمشهد أن هناك أوجه صرف عديدة ملحة ووجيهة لاستيعاب تلك الأموال وأضعافها في مشاريع وأعمال خيرية هي أولى وأجدر بأن تنفق فيها تلك المبالغ الضخمة، الكل يعلمها ولا أحد يجهلها ولا يتسع المقام هنا لذكرها وتفحصها وتعدادها والخوض فيها، مشاريع تعود بالنفع على الأرض وأهلها. 

ختامًا أُذكر بقوله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، وسيُسأل كل فرد عن مالٍ جمعه فيما أنفقه والله لا يحب المسرفين والمبذرين، اللهم اجعل كل إنفاقٍ لوجهك الكريم ولا تجعله إنفاقًا في الباطل والتبذير، وحسرة وندامة على من دفعه ومن جمعه وأنفقه ودعمه، واجعلنا يالله ممن قالت فيهم: "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا".
والله من وراء القصد.

المستشار والكاتب في صحيفة الحدث عضو الجمعية السعودية للإدارة

محمد بن سعيد آل درمة