|

فَلنمنحْ الفرصة لذواتنا أولاً ..

الكاتب : الحدث 2023-02-03 07:57:40

مكة المكرمة - نهاد فاروق قدسي

قال جاك ويلش " قبل أن تكون قائداً ، فإن نجاحك يكمن في تطوير ذاتك، وعندما تصبح قائداً ، فإن نجاحك يكمن في تطوير الآخرين"

ليس من السهل أن تكون قائدًا ناجحًا ، وليس من الصعب أيضًا أن تمتلك أدوات ومهارات ورؤى وأهداف تمكنك من قيادة حشود عظيمة وجموع غفيرة تتبع منهجك الذي قمت بتصميمه ، وتطبق سياساتك التي سعيت جاهدًا لبناءها؛ لتسلك ذات المسار الذي رسمته في تحقيقالأهداف والوصول إلى الغايات .

ولكن في مستهل الطريق لابد أن تبدأ بنفسك أولاً ،  وتحمل على عاتقك مسؤولية تنمية ذاتك وتطوير قدراتك وصقل مهاراتك وضمان سلامتك من كافة النواحي الشخصية والصحية والنفسية والاجتماعية ، لابد أن تكون حاصلاً على شهادات تخصصية ، متسم بسمات الشخصية الكاريزمية وقوة الإقناع والإبهار ، ملم بمعظم الخبرات والمعارف والتقنيات ، خبير بمهارات التحليل والابتكار ، متفوق في استخدام فن التواصل ولغة الحوار ، قادر على الاحتواء وحل المشكلات ، قائد للتغيير والتطوير ؛ كل ذلك لتتمكن من إقناع فريق العمل بقدراتك وإمكاناتك حتى تحظى بفريق عمل متسق ومتماسك يسعى بكل ماأوتي من قوة لتحقيق الأهداف المنشودة .

وقد يخطئ البعض الذين يظنون أن مهمة القائد تتكرس في التحكم والتسلط والولاية والرسمية والمركزية واحتكار الصلاحيات ، وأن القائد لابد أن يرى نفسه فوق فريقه ، وهذا يعد -حقيقةًتفسير خاطيء ، وإن هناك كثير من النماذج الفاشلة من القيادات الضعيفة التي سرعان مانهارت أسسها، وتدهور كيانها بسبب انغلاقها على أراءها فقط ، لاتسمع سوى صوتها ، صلدة موصدة الأبواب دومًا في وجه الآراء الجديدة والأفكار الابتكارية ، تنسب النجاح لنفسها ، وتلقي بالفشل على فريق عملها ، متخذة من الإجراءات السلبية أسلوب قيادي بحت ؛ لذا لن نتعجب حقًا إن لاقت تلك القيادات نفورًا من قبل الفريق ورفضاً تامًا لشخصها جملةً وتفصيلا مما يتسبب في زعزعة الثقة في نفوسهم ، ودب الضعف والانفكاك بين صفوفهم  ، ولن يعد بمقدورهم الصمود أمام التحديات والمضي قدمًا نحو بر الأمان ، بل وسيغرق الجميع .

الشخصية القيادية العظيمة هي التي تنجح في قيادة ذاتها أولًا ، وتراقب أفكارها وتتبنى الإيجابية منها ، وتمسك بزمام المبادرة في كافة المواقف المواجهة ، وتهتم بتفاصيل الأمور لتضمن النجاح ، تمنح للوقت وجدولة الأمور الأولوية ، وهي التي تجعل كأسها دومًا فارغًا ومستعدةً للتعلم والنهل من بحور العلم والمعرفة ، مؤمنة بالرسالة التي تود تأديتها والأهداف التي تسعى لتحقيقها ، قادرة على التنبؤ بالمستقبل والمكانة التي ستصل إليها هي وفريقها ، تتمتع بالصبر والتؤدة، ومتيقنة بأن صناعة النجاح لايتحقق بين عشية وضحاها ، قائدة ، ملهمة ، مؤثرة، محفزة، و تبث الطاقة الإيجابية بين أعضاء فريقها، لاتبخل عن تقديم الدعم لهم سواء كان معنويًا أو ماديًا ، شخصية صادقة تفعل ماتقول ، وتفي بما تعد به ، تتحمل النصيب الأكبر من اللوم ونصيبًا أقل من الفضل ، شغوفة تجاه رؤاها المستقبلية الثاقبة ، وتكون أنموذجًا إيجابيًا لفريقها ، ومصدرًا لشعورهم بالثقة تجاه قائدهم دومًا وأبدًا ؛ فالقيادة أخلاق قبل أن تكون مسؤولية ومكانة.

لذا لابد أن نتمكن من قيادة أنفسنا أولاً ؛ لننجح في قيادة الآخرين طواعية لا مرغمين ، ليس ذلك فحسب بل سنجعلهم يشاركوننا في صناعة مستقبل ناجح ومجد مشرق معًا .