|

الإتحاد الأوروبي .. عيون على طهران

2017-11-22 04:30:30

إنه حقا عالم غريب وعجيب, تتصاعد وتزداد مشاعر الكراهية للنظام الايراني ومليشياته في العالم نتيجة الفظائع اللا إنسانية والمجازر التي يرتكبوها بحق الشعوب الآمنة, ورغم كل ذلك نرى الغرب والإتحاد الأوروبي يتطلع لتعزيز العلاقات التجارية معهم, وكأن الدنيا ضاقت عليهم بما رحبت, وافتتاح مكتب تجاري تنسيقي دائم في طهران, “فيل هوغان” المفوض الزراعي وتنمية القرى في الاتحاد الاوروبي صرح قبل أيام من طهران, أن ايران هي شريك “واقعي” للإتحاد الأوروبي يجب أن يحسب له حساباً “خاصاً” .
ذكرني هذا الخبر بقصيدة للإمام الشافعي يقول مطلعها
وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلةٌ ,,, وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا
حين إجتمع العالم وفرض حصارا تاريخيا على الشعب العراقي لأكثر من عشر سنوات في تسعينات القرن الماضي, راح ضحيته مئات الآلاف من الأطفال والشيوخ, حينها لم يتجرأ أحد منهم على مد جسور التعاون التجاري مع العراق رغم معرفتهم بالحقيقة, وتلك كانت عين سخط كرست أكاذيباً وجعلتها .. مساويا ..
واليوم ورغم كل الدلائل والقرائن التي تثبت أن النظام الايراني هو واحد من مصدري الإرهاب ومصادره حول العالم ومنذ الثورة الايرانية عام 1979, وإنه يشكل تهديدا لأمن جيرانه من خلال صواريخه البالستية, إلا أن العالم الغربي والأتحاد الاوروبي يتغاضى عن هذه الحقيقة والتي يعلمها علم اليقين ؟! وهذه هي عين الرضا الأوروبي والغربي والتي تجعلها عن كل العيوب كليلة بل وعمياء ..
ليس الهدف الرئيس من وراء هذا التعاون والتقارب هو الاستثمار, ولكن دعم النظام الايراني وتبييض صفحة جرائمه, فهو مشروعهم الكبير والذي أثبت فشله ومازالوا متشبثين به, وهو باطل يتمسكون به وأخذتهم فيه العزة بالإثم , هو مشروعهم الذي طبّلوا له وبذلوا الكثير لأجله, بجناحيه الاخواني والايراني, والذي هو الأصل والهدف الذي صُنعت لأجله ومن خلاله كل هذه الفوضى من حولنا, وكل مارافقها من تداعيات وصولا الى الإتفاق النووي 2015 والذي أعطى الشرعية الدولية للغزو الايراني لأربع عواصم عربية ..
كانت خلاصة الطريق الذي بدأه بوش الاب ومن بعده بوش “الصغير” وصولا الى أوباما الذي حقق بنوده كناسك مجتهد في حوزة قم, وكرس فلسفته الفاشية والتي أنتجت أكبر موجة هجرة وتشريد جماعي شهدها التاريخ, إنها نازية جديدة نشهدها تفوق ضحاياها كل ما خلفته من دمار في الحرب العالمية الثانية, ولكن المفارقة التي تدعو الى السخرية هو أنها اليوم تأتي بمباركة أوروبية غربية .
لقد آمنوا أن استقرار المنطقة والبلاد العربية لايستوي إلا من خلال فسح المجال لهيمنة دينية متشددة “ايران وجماعة الاخوان” وتوفير الغطاء لها لأجل القضاء على “النزعات القومية” كما وصفتها مراكز أبحاثهم, فهم لايسعون وراء المكاسب التجارية مع ايران كهدف, ولكن لتعزيز ودعم حليفهم الجديد في جهاده المزعوم, والذي هيأوا له كل السبل وصبروا عليه طيلة سنوات ..
مؤيد رشيد / كاتب وباحث