الدبلوماسية السعودية في قمة العشرين: رؤية تقود مستقبل العالم
بقلم: د. محمد الأنصاري
أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدبلوماسية
في مشهد دبلوماسي يعكس القوة المتنامية والتأثير المتزايد للمملكة العربية السعودية على الساحة الدولية، ترأس صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية، نيابةً عن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وفد المملكة في قمة قادة دول مجموعة العشرين (G20) في مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، في نوفمبر 2025.
وتهدف مشاركة المملكة في هذه القمة إلى تعزيز دورها في صياغة السياسات الاقتصادية والمالية الدولية، ودعم الاستقرار المالي العالمي. كما تمثل هذه المشاركة امتدادًا لدورها الاستراتيجي في الاقتصاد العالمي عبر استثماراتها المستدامة وشراكاتها الدولية الفاعلة، وتعكس رؤية المملكة المتكاملة لتعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة على الصعيدين الإقليمي والعالمي. إضافة إلى ذلك، تؤكد المملكة تأثيرها الإيجابي على أسواق الطاقة العالمية من خلال سياساتها في الطاقة المستدامة، والمساهمة في استقرار العرض العالمي للطاقة.
وفي الإطار ذاته، سعت المملكة لتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات المشتركة، مثل التغير المناخي، والأمن الطاقي، والأمن الغذائي، مما يعكس مكانتها كلاعب دولي مسؤول وفاعل.
وخلال كلمته، ركّز سمو وزير الخارجية على عدة نقاط رئيسية، منها:
* استمرار المملكة في بناء استثمارات مستدامة لضمان النمو الاقتصادي الشامل وتعزيز رفاهية الشعوب.
* الحد من التدفقات المالية غير المشروعة التي قد تهدد استقرار الأنظمة الاقتصادية.
* أهمية التنسيق الدولي واتباع نهج متكامل يوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة واستقرار الأسواق المالية.
* التأكيد على الدور القيادي لدول مجموعة العشرين في تعزيز السياسات الداعمة لاستقرار العالم وازدهاره.
* إدراك أن التحديات العالمية لم تعد تعرف حدودًا، وأن مواجهتها تتطلب تضامنًا وتعاونًا دوليًا.
وتعكس هذه النقاط، عند دمجها مع التحليل، رؤية المملكة المتوازنة التي تجمع بين الإصلاح الداخلي القوي وتعزيز دورها الخارجي. هذا النهج يدعم قدرة المملكة على المشاركة في صياغة حلول مستدامة للقضايا الدولية الأكثر إلحاحًا. كما يظهر من تصريحات سمو وزير الخارجية أن المملكة تسعى إلى تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، ضمن مسارات واضحة لتعزيز الاستقرار المالي العالمي ودعم رفاه المجتمعات.
وقد أظهرت الدروس التي أفرزتها السنوات الأخيرة مدى حاجة العالم إلى المزيد من التضامن الدولي. فالأزمات المتلاحقة بيّنت أن التحديات لم تعد محصورة في دولة أو منطقة بعينها، بل تتجاوز الحدود وتتطلب استجابة جماعية. وفي هذا السياق، تتجلى رؤية المملكة التي تجمع بين تطوير قدراتها الداخلية وتعزيز دورها الخارجي المتوازن، لتظل شريكًا دوليًا موثوقًا يسهم في مواجهة التحديات العالمية.
وبهذا الحضور الدبلوماسي المؤثر، تواصل المملكة ترسيخ موقعها كقوة اقتصادية وسياسية رائدة. وهي قادرة على توجيه مسارات الحوار الدولي، وبناء شراكات قائمة على الاحترام المتبادل والمسؤولية المشتركة، بما يمهد الطريق لمستقبل عالمي أكثر تماسكًا وازدهارًا، مع مساهمة واضحة في تعزيز استقرار أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي.