|

إعلاميون.. بلا إعلام!

الكاتب : الحدث 2025-12-21 01:25:33

​بقلم ــ محمد العتيق 

​يواجه المشهد الإعلامي اليوم أزمة "هوية" حادة، حيث بات لقب "إعلامي" مستباحًا ، يرتديه كل من امتلك جهازًا للتصوير أو قاعدة من المتابعين. هذه الفوضى لم تعد مجرد ظاهرة عابرة، بل تحولت إلى معضلة مهنية تفتقر إلى أدنى أدوات الصياغة الصحفية أو الأمانة في النقل، مما يجعلنا أمام جيل من "الإعلاميين" الذين يفتقدون لأبجديات الإعلام.
​إن الفارق بين الإعلامي الحقيقي والمدعي يظهر جليًا في مواقف الاختبار؛ فصناعة الخبر ليست "حديثًا عفويًا "، بل هي علم يقوم على أركان متكاملة من العنوان الجاذب غير المضلل، إلى الصياغة التي تحترم وعي المتلقي. غير أننا اليوم نرى "متصدري المشهد" يعجزون عن بناء تقرير متماسك، مكتفين بضجيج الشهرة الذي لا يورث إلا جهلاً بالحقائق.


​والكارثة الحقيقية تكمن في استضافة القنوات لهؤلاء الذين لا يفقهون في ميثاق الشرف الإعلامي شيئاً؛ فبدلاً من تقديم محتوى يتسم بالنزاهة، نراهم ينساقون وراء الأهواء، ويثيرون نعرات التعصب عبر ترويج الأكاذيب. إن الإعلامي الذي لا يصدق مع نفسه ومع جمهوره هو في الحقيقة معول هدم يعود بالمنظومة عقوداً إلى الوراء.

لقد تجلّت هذه الأزمة بوضوح مؤلم خلال مشاركة المنتخب السعودي في "كأس العرب"، حيث شهدنا طرحًا مخجلاً تجاوز نقد الأداء إلى "التجني" على اللاعبين بدوافع بعيدة كل البعد عن الوطنية. إن مثل هذا الطرح يسيء لسمعة الرياضة السعودية وللإعلام الذي يجب أن يكون حصنًا للدفاع عن الوطن لا معولاً للنيل منه.

​إن محاولة "تغطية عين الشمس بغربال" لن تنجح أمام جمهور أصبح واعيًا يدرك ما وراء الأَكَمة. لذا، حان الوقت لتدخل الجهات المسؤولة لتنقية هذا الوسط من المتسلقين، ليعود المنبر لأصحابه الحقيقيين، وتظل الكلمة أمانة في يد من يقدر قدسيتها، بعيدًا عن صخب الباحثين عن المصالح الضيقة على حساب الحقيقة.