بين المظهر الديني والسلوك في وسائل التواصل الاجتماعي.
بقلم - عبدالله آل شعشاع
في زمنٍ أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا من الحياة اليومية، باتت تصرفات الأفراد معروضة للعلن، ويُحكم عليها سريعًا من خلال الصور والتعليقات والتفاعلات. ومن الظواهر التي يلاحظها بعض الناس، ظهور رجال يحرصون على مظهر يُفهم اجتماعيًا على أنه مظهر ديني، مثل إطلاق اللحية، بينما يقترن هذا المظهر أحيانًا بسلوكيات في الفضاء الرقمي لا تنسجم مع القيم التي يوحي بها الشكل، كالإفراط في ملاحقة النساء بالمراسلات أو الدخول في اختلاط غير منضبط .
من المهم التأكيد أن اللحية في ذاتها ليست مشكلة، فهي خيار شخصي أو ديني محترم، ولا يجوز الحكم على الناس من خلالها. لكن الإشكال يظهر عندما يصبح هناك تعارض واضح بين ما يُفترض أن يرمز إليه هذا المظهر من وقار والتزام، وبين تصرفات تفتقر إلى الحياء، أو احترام الحدود الشرعية والأخلاقية في التعامل مع الجنس الآخر، خاصةً في منصات مفتوحة يراها الجميع.
مثل هذه السلوكيات لا تسيء فقط إلى أصحابها، بل قد تترك أثرًا سلبيًا على صورة الدين نفسه، خصوصًا عند من يربطون – عن قصد أو غير قصد – بين التدين الظاهري والتصرفات الفردية . فيتحول الخطأ الشخصي إلى سبب للتشكيك أو السخرية من القيم الدينية، وهذا ظلم للدين الذي يدعو إلى الأخلاق قبل المظاهر، وإلى ضبط السلوك قبل الاهتمام بالشكل.
إن المشكلة الحقيقية ليست في الاختلاط بحد ذاته فقط، بل في غياب الضوابط والنية الواضحة، وفي استخدام وسائل التواصل بطريقة تتنافى مع الاحترام والمسؤولية. فالدين لم يكن يومًا دعوة للانعزال، لكنه أيضًا لم يكن تبريرًا للتجاوز أو التناقض بين القول والفعل .
وفي الختام، يبقى الاتساق بين المظهر والسلوك هو الأساس. فالقيم الدينية تُحفظ بالأخلاق الصادقة، وباحترام الآخرين، وبالوعي بأن ما نكتبه ونفعله في العالم الرقمي يعكسنا، وقد يعكس ما ننتمي إليه، شئنا أم أبينا .