|

تغير مؤلم للشركات في "لندن" بعد الجائحة

الكاتب : الحدث 2021-07-11 10:28:20

 

في كانون الثاني (يناير) الماضي، أثارت إحدى الدراسات الخوف في نفوس الملاك وأصحاب الأعمال في لندن. قدرت الأبحاث التي نشرها مركز التميز للإحصاءات الاقتصادية الممول من الحكومة (ESCoE) أن 700 ألف شخص غادروا العاصمة نتيجة لفيروس كورونا.
لا يزال هذا الرقم أبرز تخمين حتى الآن لتأثير الوباء على سكان لندن الذي قدره مكتب الإحصاء الوطني في 2018 بنحو 8.9 مليون نسمة. وحتى العام الماضي، شكلت الزيادة المستمرة -ارتفاعا من 6.7 مليون في 1990- المدينة كما نعرفها.
لكن الانعكاس السكاني، إذا استمر، يمكن أن يتسبب في انخفاض أسعار المنازل في لندن، ويغير تكوين القوى العاملة في المدينة بشكل ملحوظ ودائم لإعادة تشكيل العاصمة. من المرجح أن تستمر مثل هذه المخاوف حتى يتم الرد على سؤال محوري يتعلق بالوباء: هل سيتم عكس اتجاه الهجرة بمجرد رفع القيود؟
لا تتوافر بيانات قاطعة حول ما حدث لسكان لندن منذ كانون الثاني (يناير). مع ذلك، هناك تلميحات في الاقتصاد وسوق الإسكان حول ما قد يحدث بعد ذلك.
"ما نراه في سوق العمل يؤكد إلى حد كبير فكرة أن كثيرا من الناس قد غادروا ولم يعودوا بعد، وكثيرا من الأشخاص الذين كانوا في إجازة لم يوجدوا في البلاد خلال هذه الفترة" بحسب جوناثان بورتس، أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة في كلية كينجز في لندن، وأحد مؤلفي ورقة مركز التميز للإحصاءات الاقتصادية.
مع بدء إعادة فتح القطاعات التي أغلقتها قيود فيروس كورونا، ظهر نقص في العمال المهرة في المطاعم ومواقع البناء. بالفعل، نقص الموظفين له تأثير خطير في أصحاب العمل، ويغير تكلفة ممارسة الأعمال التجارية.
يقول صاحب مطعم بارز، يمتلك سلسلة مطاعم في لندن، إن تكاليف التوظيف زادت بنسبة 15 في المائة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والوباء. لقد أثار الأول حواجز أمام المهاجرين من الاتحاد الأوروبي، في حين أن الأخير دفع كثيرين إلى العودة إلى دولهم الأصلية.
ويتوقع أن التكلفة الإضافية، مع انخفاض الإيرادات بنحو 50 في المائة بسبب فيروس كورونا، من المرجح أن تؤدي إلى توقف بعض المطاعم عن العمل.
في قطاع البناء، كان النقص في الموظفين أحد الأسباب وراء ارتفاع التكاليف، إلى جانب اضطراب سلسلة التوريد الناجم عن الوباء وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانسداد قناة السويس لمدة ستة أيام في آذار (مارس). وفقا لأحد المطورين، زادت تكلفة وضع الطوب بأكثر من الضعف في العام الماضي.
مع تخفيف قيود كوفيد - 19، ويظهر الاقتصاد علامات الانتعاش، يقول بورتيس إن السؤال الكبير هو ما إذا كان العمال سيعودون. مع تأخر إحصاءات العمل عن الواقع على الأرض، فإن المؤشرات حول ما إذا كان هناك انتعاش سكاني جار سيأتي أولا من مصادر أخرى.
واحدة من أولى الدلائل على أن لندن كانت تستنزف العمال في العام الماضي جاءت من سوق الإيجارات، حيث أدى انخفاض الأسعار إلى ظهور إشارات تحذيرية بشأن انخفاض عدد السكان.
إذا استعادت لندن جاذبيتها، فمن المفترض أن تبدأ الإيجارات السكنية في الارتفاع مرة أخرى. وفقا لريتشارد دونيل، مدير الأبحاث في بوابة العقارات "زوبلا"، فإن هذا يحدث -على الأقل في هامش ربح سوق لندن. ويقول دونيل: "وصلت سوق الإيجارات في لندن إلى الحضيض وبدأ في الانتعاش بسرعة كبيرة".
تظهر البيانات الواردة من "زوبلا" ارتفاعا طفيفا في متوسط الإيجارات في جميع أنحاء العاصمة بين كانون الثاني (يناير) ونيسان (أبريل)، رغم أن الأسعار ظلت منخفضة بنسبة 10 في المائة تقريبا عن الفترة نفسها من العام السابق.
يعزي دونيل الانتعاش المتواضع إلى عودة بعض المهنيين الشباب إلى مراكز المدن، لكن في حين أن قيود فيروس كورونا لا تزال قائمة، فإن أي تعافي سيكون جزئيا.
ويقول: "لن يتم تعويض الانخفاض في الإيجارات إلا بمجرد أن يكون لدينا سفر دولي وهجرة للعمل -وما زال توقيتها غير واضح ويبدو أنه سيكون في وقت ما عام 2022".
لكن في حين أن غياب مئات الآلاف من العمال المولودين في الخارج قد غير مظهر سوق الإيجار الداخلي في لندن وقلص مجموعة التوظيف للحانات والمطاعم، فإن مزيدا من العمل عن بعد للعمال المنزليين ذوي الياقات البيضاء -وهو ما أشار الوزراء إلى أنهم مستعدون له- يمكن أن تؤثر في كل شيء من رغبة العيش في الأحياء إلى وضع وسائل النقل العام.
لاحظت يولاند بارنز، الأستاذة في معهد "بارتليت" للعقارات في كلية لندن الجامعية: "لقد اعتادت المدن على استيعاب ملايين الركاب في الصباح وإنزالهم في المساء".
"عندما يتغير هذا النمط ، قد تجد البنية التحتية في المكان الخطأ. حتى نعرف كيف يتم حل هذا السؤال، يكون من الصعب جدا معرفة إلى أين ستذهب العقارات"، كما قالت بارنز.
أصبحت هذه الارتباطات المتوترة في المكتب واضحة في سوق الإسكان. تظهر بيانات "زوبلا" زيادة الطلب على المنازل الكبيرة في أحياء لندن الخارجية أو خارج العاصمة في مدن مثل جيلفورد وسويندون وبرايتون، في حين تراجع القبول على الشقق القريبة من وسط المدينة بسرعة.
تقول بارنز: "لقد أثبت الناس رغبتهم في الممتلكات وذهبوا إلى أبعد من ذلك -لقد تغير الطلب بسبب كوفيد". وتضيف أن التغييرات الأكثر ديمومة في أنماط العمل ستبلور هذا التحول، وتحرر الموظفين من علاقاتهم بالمكتب".
حتى لو عادت الحياة المكتبية -ومعها الموظفون الذين يقرضون المدينة حيويتهم خلال أسبوع العمل- "هناك تعديل كبير علينا أن نمر به"، بحسب بورتس.
يضيف: "سيكون هناك عدد أقل من المتاجر والمطاعم في وسط لندن. لن تصبح مدينة أشباح، لكن سيكون هناك تغير مؤلم لعديد من الشركات".