|

"الطويل" يقدم "سر اللوحة" في فنون الأحساء

الكاتب : الحدث 2022-02-11 08:48:52

الأحساء - جاسم العبود

نظمت لجنة الفنون التشكيلية والخط العربي بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء، مساء أمس الخميس، محاضرة بعنوان "سر اللوحة"، قدمها الدكتور راضي بن صالح الطويل، بقاعة محمد الصندل للفنون البصرية بمقر الجمعية.

المحاضرة كانت عبارة عن مدخل للقيم الجمالية في العمل الفني، استهلها الدكتور "الطويل"  بذكريات الصبا وبداية مشواره الفني، حيث ذكر أنه قبل ما يربو على 55 عاماً، وفي الأحساء، خلال مرحلة طفولته المبكرة، حينها كان لا يوجد سوى الحجارة البيضاء الناعمة اللينة "ربى" وبقايا الحطب المحروق، بدأ خربشاته على جدران حارته والحارات المجاورة.

ولم تبدأ حكاياته مع الرسم إلا في الأيام الأولى من التحاقه بالمدرسة، في السنة الأولى الابتدائية، حيث طلب منه معلم مادة العلوم رسم "ديك"، دون أن يقوم برسمه أمامه، وحين عاد إلى البيت وقبل النوم، تذكر الواجب المنزلي الصعب، وبدأ بالبكاء وسمعته جدته، فرق قلبها عليه، وأخذته إلى بيت أحد الأقارب الذي يسبقه بعامين دراسيين، ليكشف أمام عقله الصغير أول أسرار الرسم "النسخ"، وتابعها بالمحاكاة في وقت لاحق، ووجد باب الرسم ينفتح أمامه على مصرعيه، ليلج هذا العالم السحري الجميل ويسير فيه حتى الآن.

وطرح الدكتور "الطويل" استفساراً مفاده "ماهي علاقة الفن عموما أو فن الرسم بالمحاكاة، ونقل عن الفيلسوف اليوناني "أرسطو" قوله بأن "الفن محاكاة للطبيعة"، وهذا ما ينطبق على الفن التشكيلي على نحو عام، حيث نلاحظ أن جميع المدارس الفنية – باستثناء المدرسة التجريدية – تحاكي الطبيعة، ولكن بنسب متفاوتة، فترتفع. فترتفع نسبة المحاكاة إلى أقصى حد ممكن لدى المدرسة الواقعية فائقة الدقة ( Hyper Realism)، ثم المدرسة الواقعية أو الكلاسيكية وتنخفض نسبة المحاكاة إلى حدها الأدنى لدى المدرسة التكعيبية.

 وأشار إلى أن عملية التقليد أو المحاكاة تمثل ميلاً فطرياً أو غريزياً لدى الإنسان، وهي وسيلة الفرد الأولى لتعلم المشي والكلام وتناول الطعام وارتداء الملابس، وكل ما يدخل تحت عنوان السلوك، لذلك تعد التربية عن طريق تقديم "القدوة" أو المثال الذي يفترض أن يشكله شخص المربي ويجسده في سلوكه كنموذج يحتذى به، أفضل وأجدى وأنجح أساليب التربية على الإطلاق.

كما تطرق الدكتور "الطويل" إلى المحاور التالية: الطبيعة كمصدر للجمال، وإلهام الإنسان والفنان بصفة خاصة.

- أهمية القيم الجمالية والإبداعية في العمل الفني، والتي لا يمكن لأي عمل الفني الاستغناء عنها.

- الشكل والمضمون في العمل الفني، حيث جرى التأكيد على أن العمل الفني التشكيلي هو ـ من حيث الأساس ـ فن بصري، وبالتالي فإن اهتمام الفنان ينبغي أن يرتكز على "المظهر المرئي" أو الشكل العام للعمل الفني. وأنه ليس من المفروض أن تأتي جميع الأعمال الفنية محملة بمضامين ومدلولات معينة. كما أن المضمون الأدبي (إن وجد)، فهو يأتي تاليًا من حيث الأهمية (من بعد القيميتين الجمالية والإبداعية)، مع ضرورة ألاّ يؤثر حرص الفنان على تقديم المضمون سلبًا على الشكل العام للعمل الفني.

- التصوير التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي (أو الضوئي) كمجالين فنيين إبداعيين، وأبرز الفروق بين اللوحة والصورة.

- سر اللوحة الكامن في أعماق ذواتنا، وميلنا الفطري للجمال الطبيعي، وإلى الجمال الفني أيضًا. والتأكيد على أن القيم الجمالية في العمل الفني لا يمكن لها أن تتحقق إلاّ عبر توفر جميع السمات التي يميل الإنسان إليها غريزيًّا. حيث يميل الإنسان ـ بطبعه ـ نحو الوحدة (أي: ترابط أجزاء أو مكونات العمل الفني)، والتنوع، والحركة، والإيقاع، والاتزان، وتناسق التناسب، وهي ذات السمات التي تشد المتلقي نحو العمل الفني، وتشكل سر إعجابه واستمتاعه بهذا العمل أو ذاك. فضلًا عما يكتسبه الفرد من خبرات ومعارف تسهم في تكوين ذائقته الفنية والجمالية.

وفي ختام المحاضرة كرمت جمعية الثقافة والفنون الدكتور راضي الطويل، وأخذت الصور التذكارية.