|

(نجران ) … هنا الماضي والحاضر والمستقبل

2019-11-27 11:41:05

.. نجران هذه الأرض المعطاه … أرض حضارة ضاربة في أعماق التاريخ .. كل حجر فيها شاهد على عراقتها، وآثارها تتحدث عن نفسها والأصالة ترسم لوحات من الفخر والإعزاز على قمم الجبال والزمن .. موروث شعبي ينطق بلسان فصيح .. وتفاصيل حياة الناس هنا موسومة بالحكمة والكرم والفراسة .. متى قدمت إليهم وجدتهم مختلفون في كل شيء لا ينالك منهم إلا ما يرضيك.. هنا الأخدود وما أدراك ما الأخدود موقع يجسد الماضي التليد فوق جبين الحاضر المشرق… نجران هدية التاريخ للحاضر والمستقبل.. الزائر لنجران يكتشف عوالم مدهشة تجعله مفتوناً بكل شيء فيها .. رمالها المنبسطة تبعث على الراحة والسكينة ، و وديانها تحمل الخير في جريانها كلما أمطرت السماء رحمة وسخاء… باختصار نجران مدينة اجتمعت فيها كل الجمال ولا غرابة أن أصبحت قبلة للسياح والزوار وقاصدي الراحة والاستجمام خاصة مع حلول فصل الخريف.
الأخدود والناس
زائر نجران قطعاً لن يغادرها إلا بعد تسجيل زيارة إلى قرية الأخدود الأثرية التي يرجع تارخها لأكثر من 2000 عام وهناك يرى بأم عينيه آثار المحرقة العظيمة التي أوقعها ذو نواس ملك حمير بالمؤمنين ومازالت آثار العظام والرماد شاهدة عليها ، هذه غير الرسومات المنحوتة على الصخور ، وبقايا المساجد القديمة التي تقف دليلاً على تعاقب الحضارات في هذه المنطقة. ليس التاريخ وحده هو الذي يتحدث عن نجران بل جمال الطبيعة الأخآذ أكثر فصاحة في كل المواسم، أما الناس في نجران فما تركوا للآخرين شيئاً من الكرم والجود وحسن الطباع وسماحة المعشر.

نجران العالمية
رئيس قسم البحوث بمركز الجودة الشاملة للتدريب والاستشارات ( مكتب الجزائر ) دكتور أسامة نيعوش أوضح لـ ( الجودة ) بأن بحوث ودراسات عالمية أثبتت أن مدينة الأخدود في نجران هي أرث إنساني يهم المسلمون والمسيحيون وأن نجران بمكوناتها الطبيعية والبشرية يمكن أن تشكل مركزاً سياحياً عالمياً يساهم في جذب الاستثمارات ويشجع الحركة التجارية في جنوب المملكة وشمال اليمن على حد سواء إلا أن هذا الوضع يحتاج تنظيم مؤتمرات ومنتديات يقوم عليها علماء، وخبراء، ومراكز بحوث متخصصة حتى يتمكنوا من التعريف بالقيمة التاريخية والحضارية والاقتصادية لهذه المنطقة ، وتوقع د. نيعوش أن تصل عائدات مثل هذه الفعاليات إلى مليار دولار سنوياً بسبب الثراء العلمي والمعرفي المتوفر بنجران.
مدينة الاخدود (ظربان)

الباحث التاريخي محمد ال هتيلة الجميع يعرف مدينة الاخدود بنجران وقصة حرق المؤمنين المشهورة والتي نزل فيها سورة البروج، وهذا الاسم الاخدود لم يعرف الا في القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي من خلال المؤرخين التاريخين وأول من ذكر ذلك الهمداني حين تكلم عن قبيلة بنو الحارث بن كعب، والا فأن اسمها الحقيقي هو “ظربان” وهذا ما أكدته النقوش التي تم قرأتها من مدينة الاخدود (ظربان).
تقع في الجنوب الغربي من وادي نجران على مساحة تقدر ب 5كم مربع وبها آثار قلعة اعيد ترميم جزء بسيط منها وقد حدد عبد الله (جون) فلبي ابعادها 235* 285م حيث يوجد داخل سور المدينة حوالي عشرين مبنى، شيدت من كتل حجرية مشذبه رصت على هيئة أفقية منظمة، وتبلغ مساحة أصغر هذه المباني حوالي ستة أمتار مربعة، وأكبرها تصل أبعاده إلى 22 * 14 مترا بما يعادل 304 أمتار مربعة، كسيت المباني بطبقة من الصلصال، وكانت هذه المباني بمثابة قواعد ثابتة مصمتة لبناء المساكن ذات الطوابق المتعددة التي تشيد من الطوب اللبن، المدينة كانت ذات تخطيط مربع ومحاطة بشبكة أسوار غير منتظمة إذ تم اتباع نظام قديم للدفاع عن المدينة يقوم على صف المنازل التي تكون سور
المدينة، ويتم حمايتها أيضا بأبراج في الأركان، وكانت البوابة الرئيسة في الجانب الغربي للمدينة
فيما يخص المعطيات التاريخية لموقع الأخدود(ظربان) خلال العصور الميلادية المتأخرة فقد أشارت بعض تلك النقوش إلى قرائن تاريخية مهمة تختص بالدور السياسي والاقتصادي لنجران خلال تلك الفترة وعلاقتها بملوك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمانة وأعرابهم في الطود.
وقد سكنتها مملكة مهأمر خلال النصف الأول من الألف قبل الميلاد ومملكة أمير واتخذتها حاضرة لها خلال القرن الثالث قبلالميلاد،ومنهاأصدرت ُجلتشريعاتهاالدينيةالمنظمةلزيارةمعابدالإلهذيسماوي،فضالاعنذكرتلكالنقوش لأسماء وشخصيات ملكية يأتي ذكرها لأول مرة كانت قد حكمت في موقع الأخدود خلال القرن الثالث قبل الميلاد وتمتعت
نجران في عهدها بنوع من الاستقلالية الإدارية والسياسية عن مملكة سبأ.
وقد أسفرت أعمال التنقيبات الأثرية التي أُجريت في موقع الأخدود بنجران خلال المواسم السابقة عن اكتشاف عدد من النقوش المسندية المهمة، منها ما كتب على مسلات حجرية كبيرة الحجم، وأخرى على ألواح برونزية ذات طابع نذري، وتأتي أهمية تلك النقوش من كونها جديدة، وأنها تأتي على ذكر معطيات تاريخية جديدة تبرز أهمية موقع الأخدود قدي اما ودوره على الطريق التجاري القديم الرابط بين ممالك جنوب الجزيرة العربية وشمالها ووسطها، وأن تاريخ تلك النقوش يمتد تاريخياا من القرن السادس قبل الميلاد حتى القرن السادس الميلادي، وما يزيد من أهميتها هو إتيانها على ذكر عدداا من الكيانات السياسية التي سكنت موقع الأخدود خلال النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد، فض الا عن تفاصيل أخرى تتعلق بأهمية مدينة الأخدود الدينية بوصفها من الأماكن الرئيسة التي اختصت بعبادة الإله ذي سماوي إله نجران
وفيها يقع مجمعه الديني المعروف باسم الكابة.
من ضمن الموجودات التي عثر عليها داخل الاخدود المسكوكات ومنها: –
الكنز: يعد أول كنز يكتشف في الجزيرة العربية من خلال التنقيبات، ويعود لفترة ما قبل الإسلام. وهو عبارة عن جرة فخارية مليئة بالعملات الفضية، وتبين أنها تعود إلى الملك القتباني (يدع أبينف) الذي حكم النصف الثاني من القرن الأول الميلادي كما يظهر ذلك على وجه العملة من اسم القصر الملكي في تمنع، ورمز المعبود (أمبير) وعلى ظهر العملة تظهر صورة الملك. وعلى عمله أخرى يظهر الوجه رمز واسم القصر الملكي الحميري (ريدان) بظفار، واسم الملك (عمدان
بين)، وعلى الظهر وجه ورمز، وتظهر أسماء ملوك حميريين على عملات أخرى.
عددها ثلاثة ألاف عملة، منها عدد 1200 عملة قتبانية، وحوالي 1800 عملة حميرية، وأهميتها تأتي على ذكر ملوك ترد اسمائهم لأول مرة، بل أن بعضهم لم يعرف سوى من هذه العملات فقط.
درهم أموي مسكوك في أواسط سنة 85 هـ704 م في عصر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان درهم أموي مسكوك في سنة 120 هـ 738م في عصر الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك درهم عباسي مشكوك في مدينة السلام بغداد سنة 187 هـ 803 م في عصر الخليفة العباسي هارون الرشيد. دينار عباسي مضروب في مصر سنة 249 هـ 863 م في عصر الخليفة العباسي المستعين بالله. فلس عباسي مضروب في دمشق سنة 304هـ 916 م في عصر الخليفة العباسي المقتدر بالله. فلس أيوبي مضروب في دمشق سنة 500 هـ 1107 م في عصر سلطان ابن أيوب.
أما بعد
.. نجران اليوم وفي ظل رعاية واهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين ترفع رايات التحدي في جميع المجالات وتمضي مع أميرها جلوي بن عبد العزيز وسمو نائبه الأمير تركي بن هذلول نحو غاياتها العالمية بكل ثقة وثبات لتحقيق شعار ( نجران .. هنا الستقبل )