|

القحطاني لـ«الحدث»: أمريكا والصين دولتين نوويتين وبينهما تنسيق ونشوب الحرب مستبعد

الكاتب : الحدث 2021-11-14 12:37:44

ولاء باجسير - جدة

قال اللواء طيار ركن متقاعد عبدالله غانم القحطاني في حديث خاص لـ«الحدث» حول ‏تدريبات الصين العسكرية وإلتقاط صور عبر الأقمار الصناعية لشركة ( Maxar Technologies ) توضح قيام الصين لبناء نماذج بالحجم الطبيعي لحاملة طائرات ومدمرة تابعة للبحرية الأمريكية مما أثار قلق بعض المسؤولين الأمريكيين حول نوايا الصين، وبرأيه قال اللواء عبدالله القحطاني: من حيث المبدأ الولايات المتحدة الأمريكية و الصين دولتين نوويتين وبالتالي بينهما تنسيق ثنائي لمنع نشوب أي حرب مفاجئة، وهما طرفان يُدركان خطورة الموقف فيما لو إندلعت حرب بينهما، فَيصعب حتى التكهن بطبيعتها ونتائجها، وأضاف: الحرب بنظري خيار مستبعد حالياً ولا يوجد مبرر لإندلاع حرب بين الولايات المتحدة من طرف و الصين من طرف أخر بغض النظر عن المبررات و الأسباب واختلاف الإستراتيجية الأمريكية  والإستراتيجية الصينية المتضادتين.
 
وأشار بأن نشوب أي حرب بين الدولتين المتنافستين بهدف الهيمنة يعني إما فنائهما أو إحداهما أو جزء كبير منهما أو خراب العالم أو حدوث تغيير كوني بإستخدام أسلحة ذرية من دول أخرى مثل كوريا الشمالية أو غيرها، والقوتين الصينية والأمريكية تدركان هذا الشيء بتفاصيله، وبالتالي كما أعتقد يُستبعد نشوب حرب بين الجانبين، لكن التوتر موجود وسيستمر مضاف إليه إصدار تحذيرات وتهديدات متبادلة سرية قد لا تُنشر من خلال الإعلام، وهذا كله ضمن سباق التنافس للهيمنة والسيطرة الإقتصادية والعسكرية وبسط النفوذ على مناطق عالمية في آسيا و أفريقيا بشكل عام، و تبقى جزيرة تايوان هى الموقع الرئيس كَمركز الصراع، ومَن يراقب السياسة الصينية وتصريحاتها والإسراتيجية المحلية والدولية يَعي بأن الصين لا محالة ستضم تايوان يوم من الأيام سواء بإتفاق سياسي أو بالقوة العسكرية ضمن علاقة جوهرها تبعية الجزيرة للصين الشعبية بأي شكل، وفي المقابل موقف الولايات المتحدة يبدو مدافعاً عن حرية و ديموقراطية تايوان، لكن الحقيقة أنها ليست كل شيء بل هي الذريعة ومجال الضغط والمساومة ضد بكين والأمر يتجاوزها إلى الخوف من فقدان الصدارة العالمية، وما فائدة تايوان كدولة مستقلة فيما لو تنازلت واشنطن عن المرتبة الأولى وجاءت الصين محلها.

وعبّر قائلاً: شخصياً لا أرى في المستقبل البعيد أن تايوان ستبقى دوله مستقلة عن الصين الشعبية وهذا مبني على مواقف الصين الثابتة وردود أفعالها تجاه هذا الموضوع والمعطيات تقول أن الصين حالياً تسعى لعودة تايوان إلى السيادة الصينية بأي ثمن غير الحرب في هذة المرحلة وهذا بحسب تصريحاتهم و إستراتيجيتهم المُعلنه وهم يعملون لهذا الشيء بالضغط و الصبر حتى تتراجع أمريكا عن الصدارة، ولا أتوقع أن الولايات المتحدة ستدخل في حرب مع الصين قريباً لهذا السبب، لأنها تعلم بأن عودة تايوان إلى الصين ليست هى المشكلة بذاتها، وإنما تعاظم دور الصين وصعود قوتها العسكرية والصناعية والإقتصادية وسيطرتها التدريجية على بحر الصين وهذا يهدد مصالح ومستقبل أمريكا ناهيك عن أنه يعني عودة جزيرة تايوان إلى التراب الصيني وهي التي تعتبر ضمن حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية شكلاً بينما الحقيقة أن الهدف هو توظيف حِلف الناتو لمصلحة أمريكا إنطلاقاً من خاصرة الصين القريبة جداً والمزعجة لها.
 
وأشار اللواء أن بجميع الأحوال القوة العسكرية الأمريكية لاتزال هى الأقوى والأكثر تقدماً، والقوة الإقتصادية الأمريكية لاتزال هى المهيمنة، لكن الحقيقة المزعجة للولايات المتحدة هو أن الصين في تصاعد قوي بحسب مؤشرات النمو الإقتصادي وهى نقطة لصالح بكين في أغلب الأوقات ولا يوجد مؤشر للتراجع، وفي هذا الموقف المتحرك والمعقد يتضح جلياً أن الولايات المتحدة الأمريكية نقطة ضعفها الحالية هو تخبطها السياسي الداخلي و الخارجي وهذا ما تدركه بكين وتستفيد منه، والضعف الحقيقي المؤثر لدى الجانب الأمريكي هو ضعف القيادات السياسية الأمريكية، فلم تعد تلك القيادات السابقة ذات التأثير و البُعد الإستراتيجي والتموضع السريع وذات القدرة على حشد الحلفاء داخل أوروبا وعلى مستوى العالم، بل أصبحت القيادة الأمريكية في البيت الأبيض ولجان الكونجرس متخبطة داخلياً وغير موثوق بها خارجياً، وهذا أضعف دور الولايات المتحدة الأمريكية حتى داخل معسكرها الغربي والصين تدرك هذا الشيء جيداً، وقد يكون هذا الضعف والتراجع السياسي والقيادي هو المؤثر المنظور على السياسة الأمريكية فيما يخص علاقاتها مع الصين، بينما الصين حالياً على النقيض، فهي تتمدد استراتيجياً في أفريقيا وتتمدد عبر صداقاتها مع العالم العربي والإسلامي وحتى الغربي وأمريكا الجنوبية، و تقنياتها في تطور مستمر واقتصادها ينمو و دائماً ما تنتصر في المعارك التكتيكية مع الولايات المتحدة على الجانب الإقتصادي والعلاقات والأزمات الجانبية، ولدى الصينيين صبر مقنن ونفس طويل جداً، والسياسة الصينية حالياً لديها عناصر قوة داخلية وعناصر قوة استراتيجية و معنوية و اقتصادية على عكس أمريكا التي يتراجع دورها بالشرق الأوسط وفي أوروبا، وتتراجع حتى على مستوى محيطها الجغرافي في أمريكا الجنوبية وفي الجانب الشرقي للأطلسي وفي جميع الدول التي تدور في الفلك الأمريكي، وهذا لا يعني غياب للدور أو استمرار للتراجع فالولايات المتحدة قادرة على التصحيح السريع واستعادة الثقة.
 
وبشكل عام التوتر سيستمر بين الصين وأمريكا لكن أن تصل إلى قيام حرب فَهذا يعني أن شيءً ما خطير قد حدث بالخطأ وليس بالإرادة، وما يؤكد هذا الكلام هو أن رئيس الأركان الأمريكي الحالي الجنرال "مارك ميلي" في الأيام الأخيرة من حكم الرئيس السابق دونالد ترامب إتصل سراً بنظيرة الصيني ليطمئنه بأن الأمور تحت السيطرة فيما يخص القوة النووية ثم اتصل ثانية بالسر حينما خسر الرئيس السابق دونالد ترامب الإنتخابات وطمأنهم بأن السلاح النووي تحت سيطرته وهذا منشور.
 
وتسائل القحطاني، على سبيل الإفتراض في حال نشوب حرب وهذا صعب توقعه وحدوثه، فَهل ستبقى حرب تقليدية ؟، فإن كانت الحرب تقليدية عبر الغواصات أو الصواريخ الإستراتيجية أو ضرب بأماكن محددة أو حرب سيبرانية شاملة، فأعتقد أن الولايات المتحدة لديها تقنية عاليه جداً واستخبارات متفوقة نوعاً مقارنة بالصين ولديها نقاط قوة تستطيع من خلالها مباغتة الصين، 
لكن هل هذا وارد ؟ هل هو محتمل ؟، 
اعتقد انه إحتمال ضعيف وإن كان ضمن الخيارات التي يتوقعها البعض بمن فيهم الصين ذاتها، والمشكلة الأصعب هى أي حرب تقليدية إذا تحولت إلى نووية، فهي هنا مدمرة ولن يكون فيها منتصر، وحتى الحرب المحدودة أو التناوش في أي مكان، ليس في صالح أحدهُما ولن تقبل الولايات المتحدة أن تُنهزم أمام الصين حتى لو بمعركة جانبية  وكذلك الصين لن تقبل بهزيمة في معركة كان يجب الإنتصار بها، ولذلك الطريفين يحسبان بدقة ما الذي سيجري باليوم التالي، ويبقى هاجس وتخوف الولايات المتحدة الأمريكية هو فقدان الصدارة اقتصادياً و عسكرياً و ثقافياً و تقنياً و صناعياً، وهذا محتمل إذا استمر الإنهيار القيادي والسياسي، ففي الـ 25 سنة الماضية يلاحظ أن قيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضعفت على المستوى الرئاسي وعلى مستوى الكونجرس واللجان الرئيسية وليست كما كانت، أمريكا لم تعد تمتلك قوة الحكمة وبُعد النظر والمقدرة على كسب الثقة والصمود لِخلق تحالفات قوية، وفقدت مصداقية الحلفاء وثقة الأخر المحايد بها، وحتى الحرب أصبحت لا تثق بدخولها دون حلفاء، هناك خلافات وتنافس داخلي أمريكي يُشكل الخطر الأهم على الولايات المتحدة الأمريكية.
 
وختم اللواء قائلاً: وأخيراً أياً كانت العلاقات بين الجانبين الأمريكي والصيني وحجم التوتر و مستوى الخطورة إلا أن من الواضح جداً للعارفين أن جنرالات البنتاجون الفاعلين مثل رئيس الأركان وغيره على تواصل سري مع نظرائهم في الدول النووية و خصوصاً مع الصين و روسيا، وهذا يطمئن العالم بأن الخيار النووي مستبعد مالم تحدث مفاجأة أو خطأ ونشوب أي حرب بين قطبين نوويين، لا يضمن أن لا تستخدم الأسلحة النووية خصوصاً بين عملاقين كالصين وأمريكا لديهما طموح جامح للهيمنة و السيطرة، ومرةً أخرى هذا ( الضعف السياسي الإستراتيجي الأمريكي أثر على العالم كَكُل وفي غير صالح الإستقرار العالمي ).